(السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِيَّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا) كذا في رواية المصنّف، وأبي داود، وابن ماجه، وأحمد في رواية له بتعريف "السلامُ " في الموضعين، ورواه الترمذيّ، والنسائيّ، والشافعيّ، وأحمد في رواية أخرى بتنكيره فيهما، قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يجوز فيهما حذف اللام وإثباتها، والإثبات أفضل، وهو الموجود في روايات "الصحيحين"، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يقع في شيء من طرق حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- بحذف اللام، وإنما اختلف ذلك في حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، وهو من أفراد مسلم. انتهى (١).
(وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ") انفرد ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- بهذا اللفظ؛ إذ في سائر التشهّدات الواردة عن عمر، وابن مسعود، وجابر، وأبي موسى، وعبد اللَّه بن الزبير، كلّها بلفظ: "وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، وأما قول الرافعيّ: المنقول أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول في تشهّده: "وأشهد أني رسول اللَّه" فمردود بأنه لا أصل له، قاله القاري.
وروى النسائيّ وابن ماجه حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا بلفظ: "وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله".
وقد تقدّم أن الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- اختار تشهّد ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، قال في "الفتح": قال الشافعيّ بعد أن أخرج حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: رُويت أحاديث في التشهد مختلفةٌ، وكان هذا أحبّ إليّ؛ لأنه أكملها، وقال في موضع آخر، وقد سئل عن اختياره تشهد ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: لَمَّا رأيته واسعًا، وسمعته عن ابن عباس صحيحًا، كان عندي أجمع وأكثر لفظًا من غيره، وأخذت به غير مُعَنِّف لمن يأخذ بغيره مما صَحّ، ورجحه بعضهم بكونه مناسبًا للفظ القرآن في قوله تعالى:{تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}[النور: ٦١]، وأما من رجحه بكون ابن عباس من أَحْداث الصحابة، فيكون أضبط لِمَا روى، أو بأنه أفقه من