دون تمامه، كما يقول: أنا حاجّ، وصائمٌ لمن شرع في ذلك، وكما يُطلقه في قوله: آمنت بالله ورسله، وفي قوله: إن كنت تعني كذا وكذا أن جواز إخباره بالفعل يقتضي جواز إخباره بالاسم مع القرينة، وعلى هذا يخرّج ما رُوي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، وما رُوي في حديث الحارث الذي قال: أنا مؤمنٌ حقًّا، وفي حديث الوفد الذين قالوا:"نحن المؤمنون"، وإن كان في الإسنادين نظر. انتهى كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى"مجموع الفتاوى" ٧/ ٦٦٦ - ٦٦٩.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما سبق أن الأرجح هو ما عليه جلّ السلف رحمهم الله تعالى من أنه يجوز أن يقول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى؛ خوفًا من العاقبة، وتبرّكًا بذكر المشيئة، لا شكًّا في أصل الإيمان. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة):
[اعلم]: أن مذهب أهل الحق، أنه لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب، ولا يكفر أهل الأهواء والبدع، وأن من جحد ما يُعلم من دين الإسلام ضرورة، حُكم بردته وكفره، إلَّا أن يكون قريب عهد بالإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ونحوه ممن يخفى عليه، فيُعَرَّف ذلك، فإن استمر حُكم بكفره، وكذا حكم من استحل الزنا، أو الخمر، أو القتل، أو غير ذلك من المحرمات التي يُعلم تحريمها ضرورة، ذكره النووي في "شرحه"(١).
وقال الحافظ السيوطيّ رحمه الله تعالى في "الكوكب الساطع":
وقلت في "شرحي" عليه: أشار به إلى ما قاله الشافعيّ، وأبو حنيفة، والأشعريّ: لا نكفّر أحدًا من أهل القبلة بذنب أجرمه، وروى البيهقيّ بسند صحيح أن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما سُئل، هل كنتم تسمّون من الذنوب كفرًا، أو شركًا، أو نفاقًا؟ قال: معاذ الله، لكنّا نقول: مؤمنون مذنبون.
وقال الإمام الذهبيّ رحمه الله تعالى في "سير أعلام النبلاء" ١٥/ ٨٨ -