للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني أنه لم يضع في هذا الكتاب كلّ حديث صحيح لديه (إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ) أي ما أجمع الحفّاظ على صحّته.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر نحو ما تقدّم: ثم قد يُنكَر هذا الكلام، ويقال: قد وضع أحاديث كثيرةً غيرَ مُجْمَعٍ عليها.

وجوابه أنها عند مسلم بصفة المجمَع عليه، ولا يلزم تقليد غيره في ذلك، وقد ذكرنا في مقدمة هذا الشرح هذا السؤال وجوابه. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قوله: "ما أجمعوا عليه" يحتمل معنيين:

[أحدهما]: ما أجمع على صحّته الحفّاظ النقّاد، فلم يختلفوا في صحّته.

[والثاني]: ما أجمع عليه الرواة، بأن اتّفقوا على شيخهم، لا ما اختلفوا فيه عليه، كرواية سليمان هنا بزيادة "وإذا قرأ فأنصتوا"، مخالفًا للرواة الآخرين.

وعلى كلّ من المعنيين فكلامه فيه نظر لا يخفى؛ لأنه وضع في كتابه أحاديث كثيرة من النوعين، وقد تقدّم أن ابن الصلاح -رَحِمَهُ اللَّهُ- أجاب عنه بجوابين:

[أحدهما]: أنه لم يضع في هذا الكتاب إلا الأحاديث التي وُجد عنده فيها شرائط الصحيح الْمُجمع عليه، وإن لم يَظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم.

[والثاني]: أنه أراد أنه ما وضع فيه ما اختلف الثقات فيه في نفس الحديث متنًا أو إسنادًا، ولم يُرد ما كان إنما هو في توثيق بعض رواته، وهذا هو الظاهر من كلامه، ثم ذكر جوابه على هذا الحديث المذكور هنا، قال: ومع هذا قد اشتمل كتابه على أحاديث اختلفوا في إسنادها أو متنها؛ لصحّتها عنده، وفي ذلك ذهول منه -رَحِمَهُ اللَّهُ- عن هذا الشرط، أو سبب آخر، وقد استُدركت عليه وعُلّلت. انتهى (٢).


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٢٣.
(٢) راجع: "صيانة صحيح مسلم" للشيخ أبي عمرو بن الصلاح -رَحِمَهُ اللَّهُ-، ص ٧٥.