والحاكم، وصححه الترمذيّ، وزاد في سنده علي بن أبي طالب، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(ومنها): حديث أبي ذر -رضي اللَّه عنه- قال: خرجت ذات يوم، فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"ألا أخبركم بأبخل الناس؟ " قالوا: بلى يا رسول اللَّه، قال:"من ذُكِرت عنده، فلم يُصَلّ عليّ، فذلك أبخل الناس"، رواه ابن أبي عاصم في "كتاب الصلاة" من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، وهو صحيح لغيره (١).
فهذه الأحاديث المشتملة على الوعيد المذكور، مَن تأمّلها حقّ التأمّل تبيّن له وجوب الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كلما ذُكر، فتبصّر بالإنصاف، ولا تسلك سبيل الاعتساف، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في وجوب الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهد الأخير:
(اعلم) أنهم اختلفوا في هذه المسألة، فذهب أبو حنيفة، ومالك -رحمهما اللَّه تعالى- والجماهير إلى أنها سنةٌ، لو تُرِكت صحت الصلاة، وذهب الشافعيّ، وأحمد -رحمهما اللَّه تعالى- إلى أنها واجبة، لو تُرِكت لم تصحّ الصلاة، وهو مَرْويّ عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-، وهو قول الشعبيّ، قال النوويّ: وقد نَسَب جماعة الشافعيَّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا إلى مخالفة الإجماع، ولا يصحّ قولهم، فإنه مذهب الشعبيّ كما ذكرنا، وقد رواه عن البيهقيّ، وفي الاستدلال لوجوبها خفاءٌ، وأصحابنا يحتجون بحديث أبي مسعود الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه- المذكور هنا، أنهم قالوا:"كيف نصلي عليك يا رسول اللَّه؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد. . . " إلى آخره، قالوا: والأمر للوجوب، وهذا القدر لا يظهر الاستدلال به إلا إذا ضُمّ إليه الرواية الأخرى:"كيف نصلي عليك، إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد. . . " إلى آخره، وهذه الزيادة صحيحة، رواها الإمامان الحافظان: أبو حاتم بن حبّان -بكسر الحاء- البستيّ، والحاكم أبو عبد اللَّه في "صحيحيهما"، قال الحاكم: هي زيادة صحيحة، واحتج لها أبو