للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حاتم، وأبو عبد اللَّه أيضًا في "صحيحيهما" بما روياه عن فَضَالة بن عُبيد -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى رجلًا يصلي، لم يحمد اللَّه، ولم يمجده، ولم يصل على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَجِلَ هذا"، ثم دعاه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إذا صلى أحدكم، فليبدأ بحمد ربه، والثناء عليه، وليصلّ على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وليدع ما شاء"، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم (١).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذان الحديثان وإن اشتملا على ما لا يجب بالإجماع، كالصلاة على الآل والذرية، والدعاء فلا يمتنع الاحتجاج بهما، فإن الأمر للوجوب، فإذا خرج بعض ما يتناوله الأمر عن الوجوب بدليل، بقي الباقي على الوجوب، قال: والواجب عند أصحابنا: "اللهم صل على محمد"، وما زاد عليه سنة، ولنا وجهٌ شاذٌّ أنه يجب الصلاة على الآل، وليس بشيء. انتهى كلام النوويّ (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي فيما قاله من سنّيّة ما زاد على قوله: "اللهم صلّ على محمد" نظرٌ؛ إذ لا دليل على ذلك، فأدلّة وجوب الصلاة عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- تدل على وجوب الصيغة كاملةً، فتنبّه.

ولقد أجاد العلّامة ابن القيّم في كتابه "جلاء الأفهام" حيث انتصر للإمام الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في قوله بوجوب الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهّد الأخير، واستدلّ له على ذلك بأدلّة كثيرة.

والحاصل أن الحقّ وجوب الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهد الأخير، وقد استوفيت البحث ببيان الأقوال وأدلّتها بما لها وما عليها في "شرح النسائيّ"، فراجعه، تستفد (٣)، وباللَّه تعالى التوفيق.

[تنبيه]: اختُلف في الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهّد الأول، فقال الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "الأمّ": يصلّي على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهّد الأول، هذا هو المشهور من مذهبه، وهو الجديد، لكنه يُستحبّ، وليس بواجب، وقال في


(١) هو صحيح كما قال.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٢٣ - ١٢٤.
(٣) راجع: "ذخيرة العقبى" ١٥/ ١٥٠ - ١٦٣.