للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القديم: لا يزيد على التشهّد، وهذه رواية المزنيّ عنه، وبها قال أحمد، وأبو حنيفة، ومالك، وغيرهم رحمهم اللَّه تعالى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يترجّح عندي قول الجمهور، وهو عدم استحباب الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التشهّد الأول؛ لعدم وجود دليل على ذلك، ولأن مبنى التشهّد الأول على التخفيف، حيث ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا جلس للتشهّد الأول كأنه على الرَّضْف -أي الحجارة المحماة- وهو كناية عن شدّة إسراعه حتى يقوم، وقد أشبعت البحث في هذا في "شرح النسائيّ" (١)، فارجع إليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في بيان ما شاع لدى المتأخّرين من زيادة لفظ "سيّدنا" في الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:

(اعلم): أنه لم يرد في شيء من ألفاظها المختلفة زيادة "سيدنا"، فلا يُشرع أن يزاد على التعليم النبويّ، فقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين سئل عن كيفية الصلاة عليه التي أمر اللَّه تعالى أمته بها، فسألوا عما يخرجون به من عُهدة الأمر، فأجاب -صلى اللَّه عليه وسلم- آمرًا لهم بقوله: "قولوا: اللهم صل على محمد. . . "، دون زياد "سيّدنا".

وقد سئل الحافظ ابن حجر العسقلانيّ: عن ذلك فيما ذكره تلميذه الحافظ محمد بن محمد بن محمد الغرابيلي (٧٩٠ - ٨٣٥)، وكان ملازمًا لابن حجر - قال: وسئل -أي الحافظ ابن حجر- أمتع اللَّه بحياته، عن صفة الصلاة على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة، أو خارج الصلاة، سواء قيل بوجوبها، أو ندبيتها، هل يشترط فيها أن يصفه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسيادة، كأن يقول مثلًا: اللهم صل على سيدنا محمد، أو على سيد الخلق، أو على سيد ولد آدم؟، أو يقتصر على قوله: اللهم صل على محمد؟ وأيهما أفضل: الإتيان بلفظ السيادة؛ لكونها صفة ثابتة له -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو عدم الإتيان به؛ لعدم ورود ذلك في الآثار؟.

فأجاب -رضي اللَّه عنه-: نعم اتّباع الألفاظ المأثورة أرجح، ولا يقال: لعله ترك ذلك تواضعًا منه -صلى اللَّه عليه وسلم- كما لم يكن يقول عند ذكره -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صلى اللَّه عليه وسلم"،


(١) راجع: "ذخيرة العقبى" ١٥/ ١٦٣ - ١٦٤.