للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الذي يظهر أن اللفظ إن كان بمعنى اللفظ الآخر، سواء كما في أزواجه وأمهات المؤمنين، فالأولى الاقتصار في كل مرة على أحدهما، وإن كان اللفظ يَسْتَقِلّ بزيادة معنى ليس في اللفظ الآخر البتة، فالأولى الإتيان به، ويُحْمَل على أن بعض الرواة حَفِظ ما لم يَحْفَظ الآخر كما تقدم، وإن كان يزيد على الآخر في المعنى شيئًا ما، فلا بأس بالإتيان به احتياطًا.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله الحافظ أيضًا من نوع ما قاله النوويّ، فلا ينبغي الاعتماد عليه، فإن الجمع بين الألفاظ الواردة في الروايات المختلفة، سواء كانت الألفاظ بمعنى واحد، أو معان مختلفة مما لا يخفى على المنصف كونه خروجًا من التعليم النبويّ، فليُتنبّه.

وقالت طائفة، منهم الطبريّ: إن ذلك من الاختلاف المباح، فأيُّ لفظ ذكره المرء أجزأ، والأفضل أن يستعمل أكمله وأبلغه، واستَدَلّ على ذلك باختلاف النقل عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فذَكَر ما نُقِل عن عليّ -رضي اللَّه عنه-، وهو حديث موقوفٌ طويلٌ، أخرجه سعيد بن منصور، والطبريّ، والطبرانيّ، وابن فارس، وأوله: "اللهم داحي المدحُوّات. . . " إلى أن قال: "اجعل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحيتك، على محمد عبدك ورسولك. . . " الحديث، وعن ابن مسعود -رَحِمَهُ اللَّهُ- بلفظ: "اللهم اجعل صلواتك وبركاتك ورحمتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك. . . " الحديث. أخرجه ابن ماجه، والطبريّ.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: مما ينبغي التنبّه له أن هذه الموقوفات لا تُغني عن الصيغ المرفوعة الواردة عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): قال في "الفتح": وادّعى ابن القيم أن أكثر الأحاديث، بل كلها مُصَرّحة بذكر "محمد، وآل محمد"، وبذكر "آل إبراهيم" فقط، أو بذكر "إبراهيم" فقط، قال: ولم يجئ في حديث صحيح بلفظ "إبراهيم، وآل إبراهيم" معًا، وإنما أخرجه البيهقيّ من طريق يحيى بن السباق، عن رجل من بني الحارث، عن ابن مسعود، ويحيى مجهولٌ، وشيخه مبهم،