للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو سفيان، عن جابر -رضي اللَّه عنه-، وهو دالّ على أن تلك الصلاة لم تكن في المسجد، وكأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- عَجَز عن الصلاة بالناس في المسجد، فكان يصلّي في بيته بمن حَضَر، لكنه لم يُنقل أنه استَخْلَف، ومن ثَمّ قال عياض: إن الظاهر أنه صَلّى في حجرة عائشة، وائتَمّ به مَن حَضَر عنده، ومن كان في المسجد، وهذا الذي قاله مُحْتَمِلٌ، وَيحْتَمِل أيضًا أن يكون استَخْلَف، وإن لم يُنقَل، ويلزم على الأول صلاة الإمام أعلى من المأمومين، ومذهب عياض خلافه، لكن له أن يقول: محل المنع ما إذا لم يكن مع الإمام في مكانه العالي أحدٌ، وهنا كان معه بعض أصحابه. انتهى (١)، وهو بحثٌ جيّد، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: "وهو شَاكٍ" -بتخفيف الكاف، بوزن قاضٍ- من الشِّكاية، وهي المرض، وكان سبب ذلك ما في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- المذكور في الحديث السابق: "أنه سَقَط عن فَرَسٍ".

(فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ) قد سُمِّي منهم في الأحاديث أنسٌ، كما في الحديث الذي قبل هذا، وجابر -رضي اللَّه عنه-، كما في الحديث الآتي، وأبو بكر، كما في حديث جابر الآتي أيضًا، وعمر، كما في رواية الحسن مرسلًا عند عبد الرزاق، أفاده في "الفتح" (٢).

(يَعُودُونَهُ) أي يزورونه -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَالِسًا) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يَحْتَمِل أن يكون أصابه من السَّقْطَة رَضٌّ في الأعضاء، مَنَعَهُ من القيام.

وتعقّبه الحافظ، فقال: وليس كذلك، وإنما كانت قدمه -صلى اللَّه عليه وسلم- انفَكّت، كما في رواية بشر بن المفضَّل، عن حميد، عن أنس، عند الإسماعيليّ، وكذا لأبي داود، وابن خزيمة، من رواية أبي سفيان، عن جابر -رضي اللَّه عنه-.

وأما قوله في رواية الزهريّ، عن أنس بن مالك: "جُحِش شقُّه الأيمن"، وفي رواية يزيد، عن حميد، عن أنس: "جُحش ساقه، أو كتفه"، فلا ينافي ذلك كون قدمه انفكَّت؛ لاحتمال وقوع الأمرين، وقد تقدَّم تفسير الجحش بأنه الْخَدْش، والْخَدْشُ: قَشْرُ الجلد.


(١) "الفتح" ٢/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) "الفتح" ٢/ ٢٠٩.