للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووقع عند البخاريّ من رواية سفيان، عن الزهريّ، عن أنس، قال سفيان: حَفِظت من الزهريّ "شقه الأيمن"، فلما خَرَجنا قال ابن جريج: "ساقه الأيمن"، قال الحافظ: رواية ابن جريج أخرجها عبد الرزاق عنه، وليست مُصَحَّفةً، كما زعم بعضهم؛ لموافقة رواية حميد المذكورة لها، وإنما هي مُفَسِّرة لمحل الخدش من الشق الأيمن؛ لأن الخدش لم يستوعبه.

وحاصل ما في القصة أن عائشة أبهمت الشكوى، وبَيَّنَ جابر وأنس السبب، وهو السقوط عن الفرس، وعَيَّن جابر العلّة في الصلاة قاعدًا، وهي انفكاك القدم (١).

وأفاد ابن حبان في "صحيحه" أن هذه القصّة كانت في ذي الحجة سنة خمس من الهجرة (٢).

(فَصَلَّوْا) أي الناس الذين دخلوا عليه يعودونه (بِصَلَاِتِهِ) الباء سببيّة، أو بمعنى "مع"، وفي نسخة: "لصلاته" باللام، أي لأجل صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوله: (قِيَامًا) مصدر قام، وقع حالًا من الفاعل، كما قال في "الخلاصة":

وَمَصْدَرٌ مُنَكَّرٌ حَالًا يَقَعْ … بِكَثْرَةٍ كَـ "بَغْتَةً زَيْدٌ طَلَعْ"

أي حال كونهم قائمين.

(فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا) وكذا هو عند البخاريّ، ورواه أيوب، عن هشام، بلفظ: "فأومأ إليهم"، وهو بمعناه، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن هشام، بلفظ: "فأخلف بيده، يومئ بها إليهم"، وفي مرسل الحسن: "ولم يبلغ بها الغاية" (فَجَلَسُوا) أي صلَّوا وراءه جالسين؛ امتثالًا لأمره -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَلَمَّا انْصَرَفَ) أي سلّم من الصلاة (قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوْا جُلُوسًا") قد تقدّم شرح هذه القطعة في حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، فراجعه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الفتح" ٢/ ٢٠٩.
(٢) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ٥/ ٤٩٢.