للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه جواز الإغماء على الأنبياء -عَلَيْهِمْ السَّلَامُ- لأنه شَبيه بالنوم، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لأنه مرضٌ من الأمراض، بخلاف الجنون، فإنه لم يجُز عليهم؛ لأنه نقصٌ، وقال العينيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: العقل في الإغماء يكون مغلوبًا، وفي الجنون يكون مسلوبًا. انتهى (١).

(ثُمَّ أَفَاقَ) أي رجع إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- عقله بعد الغيبوبة (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَصَلَّى النَّاسُ؟ " قُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ) أي يقوم (فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " قُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، فَفَعَلْنَا، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟ " فَقُلْنَا: لَا، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَتْ: وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ) بضم العين: جمع عاكف، يقال: عَكَفَ على الشيء عُكُوفًا، وعَكْفًا، من بابي قَعَدَ، وضَرَبَ: لازمه، وواظبه، وقُرئ بهما في السبعة قوله تعالى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} الآية [الأعراف: ١٣٨]، وعَكَفْتُ الشيءَ أَعْكُفُه بالضمّ، وأعْكِفه بالكسر: حبسته، ومنه الاعتكاف، وهو افتعال؛ لأنه حبس النفس عن التصرّفات العاديّة، وعَكَفته عن حاجته: منعتُهُ، قاله في "المصباح" (٢).

والمعنى: أنهم ملازمون المسجد لأداء الصلاة معه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذه الجملة قالتها عائشة -رضي اللَّه عنها- عند روايتها لعُبيد اللَّه، لا أنها قالتها للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهذا أتى عبيد اللَّه بلفظة: "قالت".

(يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ) جملة فعليّة في محلّ نصب على الحال مما قبلها، فتكون من الأحوال المتداخلة، أو المترادفة.

(قَالَتْ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ) "أن" مصدريّة، واللام مقدّرة، أي لأن يصلّي بهم، أو مفعول لـ "أرسل" على تضمينه


(١) "عمدة القاري" ٥/ ٣١٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٤.