للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض: ابن شهاب، عن عبّاد بن زياد، عن عروة بن المغيرة، وفيه رواية الابن عن أبيه، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

قال ابن جريج: حدّثني ابن شهاب (عَنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ) متعلّق بحال مقدّر، أي حال كونه مخبرًا عن حديث عبّاد بن زياد، وفي نسخة "عن عبّاد بن زياد" بإسقاط "عن حديث" (أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَبُوكَ) تقدّم أنه موضع ببادية الشام، قريب من مدين الذين بعث اللَّه تعالى إليهم شُعيبًا (١). (قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَتَبَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي خرج إلى البَرَاز بالفتح، وقد يُكسر، وهو الفضاء الواسع الخالي من الشجر، وقيل: البَرَاز: الصحراء البارزة، ثم كُني به عن النَّجْو، كما كُنِي بالغائط، فقيل: تَبَرَّز، وقوله: (قِبَلَ الْغَائِطِ) بكسر القاف، وفتح الموحّدة: الْمُطْمَئِنّ من الأرض، والجمع غِيطان، وأَغْوَاط، وغُوي، ثم أُطلق الغائط على الخارج المستَقْذَر من الإنسان؛ تسميته باسمه الخاصّ؛ لأنهم كانوا يَقْضُون حوائجهم في المواضع المطمَئِنّة، فهو من مجاز المجاورة، ثم توسّعوا فيه حتى اشتقّوا منه، فقالوا: تَغَوّط الإنسان، قاله الفيّوميّ (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن قوله: "قِبَل الغائط" مؤكِّد لما قبله؛ لأن معنى تبرّز خرج إلى البَرَاز، وهو الفضاء الخالي، وهو قريب من معنى الغائط.

وحاصل المعنى: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- اتّجه إلى المكان الخالي البعيد عن أعين الناس لقضاء حاجته، واللَّه تعالى أعلم.

(فَحَمَلْتُ مَعَهُ إِدَاوَةً) أي بأمره -صلى اللَّه عليه وسلم-، ففي الرواية المتقدّمة في "الطهارة": "كنت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر، فقال: يا مغيرة خذ الإداوة. . . ".

و"الإِداوة" بالكسر: الْمِطْهَرَة، وجمعها الأَدَوَى بفتح الواو، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الإداوة، والرّكْوَةُ، والْمِطهرة بكسر الميم، والميضأة بكسرها أيضًا بمعنى متقارب، وهو إناء الوضوء.

(قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ) أي ليتأهّب بالوضوء لأجل صلاتها (فَلَمَّا رَجَعَ


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٦٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٧.