وكان عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه- ممن يُفتي على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
ومناقبه كثيرة، وقال عمرو بن عليّ وغير واحد: مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة إحدى، وقيل: سنة (٣)، وقال بعضهم: وله خمس وسبعون سنة.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب ثلاثة أحاديث فقط، برقم (١٧٥٢) و (١٧٥٧) و (٢٢١٩) وأعاده بعده.
(فَصَلَّى لَهُمْ) أي لأجلهم إمامًا بهم، وإلا فالصلاة للَّه تعالى (فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ) هي الركعة الثانية، كما أوضحه بقوله:(فَصَلَّى مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ) أي الثانية من صلاة الصبح (فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُتِمُّ صَلَاتَهُ) وفي نسخة: "ليُتمّ صلاته"(فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ) يعني أنه شقّ عليهم تقدّم صلاتهم على صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ) أي حين حضر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا حين قام لقضاء ما سُبق، ففي رواية ابن سعد:"فانتهينا إلى عبد الرحمن، وقد ركع ركعةً، فسبّح الناس له حين رأوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى كادوا يُفتنون، فجعل عبد الرحمن يريد أن ينكص، فأشار إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن اثبُت".
وفي رواية المصنّف التالية من طريق إسماعيل بن محمد، عن حمزة بن المغيرة:"قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن، فقال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: دَعْهُ".
وفي رواية النسائيّ:"فجئنا، وقد أمّ الناس عبد الرحمن بن عوف، وقد صلّى بهم ركعةً من صلاة الصبح، فذهبتُ لأوذنه، فنهاني".
وفي رواية المصنّف السابقة في "الطهارة": "فلما أحسّ بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهب يتأخّر، فأومأ إليه، فصلى بهم".
(فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ) أي على الصحابة الذين فزعوا من صنيعهم (ثُمَّ قَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("أَحْسَنْتُمْ"، أَوْ قَالَ:"قَدْ أَصَبْتُمْ") أي فعلتم الصواب، وهو ضدّ الخطأ (يَغْبِطُهُمْ) أي يستحسن حالهم، وبتمنّى مثلها، وهو بكسر الموحّدة، وفتحها، من بابي ضرب، وسَمِع، كما في "القاموس"، واقتصر في "المصباح" على الكسر، قال: غَبَطته غَبْطًا، من باب ضرب: إذا تمنّيتَ مثل ما ناله من غير أن تُريد زواله عنه لما أعجبك منه، وعَظُم عندك. انتهى.