١ - (منها): أن الإسناد الأول من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فهو أعلى، وله فيه ثلاثة من الشيوخ قَرَن بينهم.
وأما الإسناد الثاني فهو من سُداسيّاته، فهو أنزل مما قبله، وله فيه شيخان قرن بينهما.
٢ - (ومنها): أن نصف السند الثاني مسلسلٌ بالمصريين غير هارون، ونصفه الثاني بالمدنيين.
٣ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيين.
٤ - (ومنها): أنه إنما لم يختصر التحويل في هذين الإسنادين على عادته، بأن يحوّل عند الزهريّ، بل ساق الأول بتمامه، ثم ساق الثاني تامًّا؛ لمهمّة إسناديّة، وهي بيان الفرق بينهما في صيغ الأداء، فسفيان بن عيينة قال:"عن الزهريّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فعنعنه، وأفرد أبا سلمة، وأما يونس، فقال:"عن ابن شهاب، أخبرنى سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، أنهما سمعا أبا هريرة، يقول: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-"، فبيّن الإخبار بين ابن شهاب، وسعيد، وأبي سلمة، وبسماعهما عن أبي هريرة، وبقوله: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهذا هو السبب في مخالفته عادته في اختصاره الأسانيد بالتحويلات، وإنما نبّهت عليه، وإن كان واضحًا عند المحصّلين؛ لأن كثيرًا ممن لا تحصيل عنده يستغرب مثل هذا السياق، ويظن أن هذا تطويل بلا طائل، مع أنه من أدقّ فنون الأسانيد، فخذه شاكرًا، والحمد للَّه أوّلًا وآخرًا.
٤ - (ومنها): أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- أحفظ من روى الحديث في عصره، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزهريّ أنه قال: (أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ) تقدّم أن الأولى كسر يائه المشدّدة؛ لأنه المعروف عند أهل المدينة، وإنما فتح أهل الكوفة، وأيضًا حكي عنه أنه كان يَكْرَه الفتح (وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن عوف (أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التَّسْبِيحُ