للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِلرِّجَالِ) مبتدأ وخبره، يعني أنه إذا نابهم شيء، وهم في الصلاة، كاستئذان الداخل، وإنذار الأعمى، وتنبيه الساهي، فالمشروع لهم أن يقولوا: سبحان اللَّه (وَالتَّصْفِيقُ) وفي نسخة: "والتصفيح" بالحاء المهملة (لِلنِّسَاءِ") إعرابه كسابقه، يعني أنه إذا نابهنّ شيء في الصلاة، فالمشروع لهنّ أن يُصفّقن، وإنما خصّ النساء بالتصفيق؛ لأنهنّ مأمورات بخفض أصواتهنّ إلا للحاجة؛ دفعًا للفتنة بهنّ، ولم يُجعل التصفيق للرجال؛ لأنه من شأن النساء.

قال الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الحديث يردّ على ما ذهب إليه مالك في المشهور عنه أن المشروع في حقّ الجميع التسبيح دون التصفيق، وعلى ما ذهب إليه أبو حنيفة من فساد صلاة المرأة إذا صفّقت في صلاتها. انتهى (١).

وقال في "المنهل": وبظاهر الحديث أخذت الشافعيّة والحنابلة، وقالوا: لا يضرّ التسبيح ولو كثُر؛ لأنه قول من جنس الصلاة، وإن كثُر التصفيق أبطلها؛ لأنه عملٌ من غير جنس الصلاة.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: إن أراد بالكثرة الزائد على الحاجة، فمقبول، وإن أراد الكثرة مع الحاجة فلا؛ لأن الشارع أباح لها أن تصفّق بقدر حاجتها، ولم يقيّده بالقلّة، فلا وجه للتقييد، فتبصّر، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسائل -إن شاء اللَّه تعالى-.

(زَادَ حَرْمَلَةُ) بن يحيى شيخه الثاني في السند الثاني (فِي رِوَايَتِهِ) أي عن ابن وهب، عن يونس (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) الزهريّ (وَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُسَبِّحُونَ وَيُشِيرُونَ) أي يَجمعون بين التسبيح والإشارة، يعني أنهم يرون جواز ذلك؛ لأن كلًّا سَنة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد أمر في هذا الحديث بالتسبيح، وفعل الإشارة، وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة السادسة -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.


(١) "نيل الأوطار" ٢/ ٣٧٨.