الأصحاب، وقالوا: إن السُنّة في حق الرجل التسبيح، وفي حق المرأة التصفيق. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): قول الزهريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وقد رأيت رجالًا من أهل العلم يُسَبِّحون ويشيرون" أي في الصلاة، وجمعوا بينهما لأن في كل منهما إفهام ما في النفس، وهل المراد أنهم كانوا يجمعونهما في حالة واحدة أو يفعلونهما متفرقين؟ فيه نظر، وأكثر العلماء من السلف والخلف على جواز الإشارة في الصلاة، وأنها لا تَبطُل بها، ولو كانت مُفْهِمة.
وبهذا قال مالك، والشافعيّ، وأحمد، وقد ورد في الإشارة في الصلاة أحاديث تكاد أن تبلغ حدّ التواتر، والأصح عند الشافعية أنه لا تُبطل الصلاة بإشارة الأخرس المفهمة كالناطق.
ونقل ابن حزم من "مصنف عبد الرزاق" بأسانيده عن عائشة أنها كانت تأمر خادمها يَقْسِم المرقة، فتمر بها، وهي في الصلاة فتشير إليها أن زيدي، وتأمر بالشيء للمسلمين تومئ به، وهي في الصلاة.
وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- أنه أومأ إلى رجل في الصفّ، ورأى خللًا أن تَقَدَّم.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى: إني لأعدّها للرجل عندي يدًا أن يعدِّلني في الصلاة.
وعن عطاء بن أبي رباح أنه قيل له: إنسان يمر بي، فأقول: سبحان اللَّه، سبحان اللَّه، سبحان اللَّه ثلاثًا، فيقبل، فأقول له بيدي أين تذهب؟ فيقول: إني كذا وكذا، وأنا في المكتوبة، هل انقطعت صلاتي؟ فقال: لا، ولكن أكره، قلت: فأسجد للسهو؟ قال: لا.
وعن عائشة -رضي اللَّه عنها- أنها قامت إلى الصلاة في درع وخمار، فأشارت إلى الْمِلْحَفة، فتناولتها، وكان عندها نسوة، فأومأت إليهن بشيء من طعام بيدها، يعني وهي تصلّي.