للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأصحابنا -يعني الحنبليّة- وأكثرهم على البطلان، ورُوي عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-. انتهى (١).

وقال في "الفتح": الجمهور على أن فاعله يأثم، وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: تبطل، وبه قال أحمد في رواية، وأهل الظاهر؛ بناءً على أن النهي يقتضي الفساد، وفي "المغني": عن أحمد أنه قال في "رسالته": ليس من سَبَقَ الإمام صلاةٌ؛ لهذا الحديث، قال: ولو كانت له صلاة لَرَجى له الثوابَ، ولم يَخْشَ عليه العقاب. انتهى (٢).

وقال أبو محمد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفرض على كل مأموم أن لا يرفع، ولا يركع، ولا يسجد، ولا يكبّر، ولا يقوم، ولا يسلم قبل إمامه، ولا مع إمامه، فإن فعل عامدًا بطلت صلاته، لكن بعد تمام كل ذلك من إمامه، فإن فعل ذلك ساهيًا فليرجع، ولا بُدّ حتى يكون ذلك كله منه بعد كل ذلك من إمامه، وعليه سجود السهو.

قال: وبه قال السلف، رَوَينا عن أبي هريرة -رَحِمَهُ اللَّهُ- أنه قال: إن الذي يرفع رأسه قبل الإمام، ويخفض قبله، فإن ناصيته بيد شيطان، وعن عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-: ما يُؤَمِّن الرجل إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يعود رأسه رأس كلب، وعنه قال: لا تبادروا أئمتكم بالسجود، فإن سبقكم من ذلك شيء، فليضع أحدكم رأسه كقدر ما سَبَق. وعن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- مثل هذا حرفًا حرفًا.

قال ابن حزم: لا وعيد أشدّ من المسخ في صورة كلب أو حمار -يعني المذكور في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- الآتي-، ولا عقوبة أعظم من إسلام ناصية المرء إلى يد الشيطان، والمعصية المحرِّمة المبعِدة من اللَّه تعالى، لا تنوب عن الطاعة المفترضة المقرِّبة منه -عَزَّ وَجَلَّ-. انتهى كلام ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، ونُقل عن الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ-، من بطلان صلاة من سابق إمامه، وعزاه ابن حزم إلى السلف، هو


(١) "فتح الباري" ٦/ ١٦٧ لابن رجب.
(٢) "الفتح" ٢/ ٢١٥.
(٣) "المحلّى" ٤/ ٦١ - ٦٢.