للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صورة ما هو كائن، فليس فيه دليلٌ على أن الجنّة والنار موجودتان، كما استدلّ به النوويّ، وإن قلنا: إن الرؤية علميّة سقط الاستدلال من أساسه. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ظاهر كلامه هذا يدلّ على أنه ممن لا يؤمن بوجود الجنّة والنار، كما يفيده تشبيهه بما يشاهَدُ في التلفزيون مما سيكون. . . إلخ، وهذا خطر عظيم، فإن هذا من عقائد الفرق الضالّة، فكيف يصدر مثل هذا ممن يتولّى شرح "صحيح مسلم"، فإنا للَّه وإنا إليه راجعون، وإنما نبّهت عليه لعِظَم خطره؛ لأن الناس كثيرًا ما يغترّون بمثل هذا الكلام، ولا سيّما إذا صدر من الدكاترة، فلا حول ولا قوّة إلا باللَّه العزيز الحكيم، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن تولّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت آمين، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في بطلان من سابق إمامه في أفعال الصلاة:

قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في صلاة من خالف الإمام في صلاته، فقالت طائفة: لا صلاة له، روي هذا القول عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

وروي عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أنه قال: لا تبادروا أئمتكم الركوع ولا السجود، فإن سبق أحد منكم، فليضع قدر ما سبق به. وممن رأى أن يرجع راكعًا أو ساجدًا إذا رفع رأسه قبل الإمام: مالك بن أنس، والأوزاعيّ، وأحمد، وإسحاق، وقال الأوزاعيّ: فليُعد رأسه، فإذا رفع الإمام رأسه فليمكث بعده بقدر ما نزل، وكان أبو ثور يقول: إذا ركع قبل الإمام، فأدركه الإمام، وهو راكع، ويسجد قبله، فقد أساء ويجزيه، وحُكي عن الشافعيّ أنه قال: يجزيه، وأكرهه، وقال سفيان الثوريّ فيمن ركع قبل الإمام: ينبغي أن يرفع رأسه، ثم يركع، قيل له: أيُعيد؟ قال: ومن يسلم من هذا؟. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار (١).

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اختلف العلماء فيمن تعمّد رفع رأسه قبل إمامه في ركوعه أو سجوده، هل تبطل صلاته أم لا؟ وفيه وجهان


(١) "الأوسط" ٤/ ١٩٠ - ١٩٢.