٣ - (ومنها): أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- أكثر الصحابة روايةً للحديث، روى (٥٣٧٤) حديثًا.
شرح الحديث:
(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ) الْجُمَحيّ، أنه قال (حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (قَالَ: قَالَ مُحَمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ) كذا في هذه الرواية، وفي الرواية التالية: "ما يأمن الذي يرفع رأسه في صلاته قبل الإمام. . . "، وفي رواية البخاريّ: "أما يخشى أحدكم، أو ألا يخشى أحدكم" بالشكّ.
و"أما" -بتخفيف الميم-: حرف استفتاح، مثل "ألا"، وأصلها "ما" النافية، دخلت عليها همزة الاستفهام، وهو هنا استفهام إنكار وتوبيخ، و"يخشى" بمعنى يخاف، لفظه خبرٌ، ومعناه النهي، قاله الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
وزيادة "في صلاته" المذكورة آنفًا تدلّ على أن المسابقة المنهيّ عنها عامّة في جميع أجزاء الصلاة.
ووقع في رواية أبي داود، عن حفص بن عمر: "الذي يرفع رأسه، والإمام ساجد"، فقال في "الفتح": فتبيّن أن المراد الرفع من السجود، ففيه تعقّب على من قال: إن الحديث نصّ في المنع من تقدم المأموم على الإمام في الرفع من الركوع والسجود معًا، وإنما هو نصّ في السجود، ويلتحق به الركوع؛ لكونه في معناه، ويمكن أن يُفَرَّق بينهما بأن السجود له مزيد مزية؛ لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه؛ لأنه غاية الخضوع المطلوب منه، فلذلك خُصّ بالتنصيص عليه.
ويَحْتَمِل أن يكون من باب الاكتفاء، وهو ذكر أحد الشيئين المشتركين في الحكم، إذا كان للمذكور مزية، وأما التقدم على الإمام في الخفض في الركوع والسجود، فقيل: يَلْتَحِق به من بابٍ أولى؛ لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل، والركوع والسجود من المقاصد، وإذا دلّ الدليل على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة، فأولى أن يجب فيما هو مقصد.