للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويمكن أن يقال: ليس هذا بواضح؛ لأن الرفع من الركوع والسجود يستلزم قطعه عن غاية كماله، ودخول النقص في المقاصد أشدّ من دخوله في الوسائل، وقد ورد الزجر عن الخفض والرفع قبل الإمام في حديث آخر، أخرجه البزار من رواية مَلِيح بن عبد اللَّه السعديّ، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "الذي يَخفِض ويرفع قبل الإمام، إنما ناصيته بيد شيطان"، وأخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفًا، وهو المحفوظ. انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله في "الفتح" من إلحاق الركوع والسجود، وأنه لا يشمله النصّ المذكور غير سديد، بل الظاهر أنه يشمله، ويقوّي ذلك زيادة "في صلاته" في الرواية الآتية، ويؤيّده حديث أنس -رضي اللَّه عنه- المذكور قبله: "فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، وبالقيام، ولا بالانصراف".

ومن الغريب أن يحتجّ على هذا برواية البزّار المختلف في رفعها ووقفها، مع أن حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أصرح في النهي، وهو عند مسلم.

والحاصل أن أحاديث الباب وغيرها تدلّ دلالة صريحة على أن المسابقة في جميع أجزاء الصلاة محرّمة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

(أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ) من التحويل (رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ") وفي رواية محمد بن زياد التالية: "أن يحوّل اللَّه صورته صورة حمار"، وفي رواية الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد الآتية أيضًا: "أن يجعل اللَّه وجهه وجه حمار".

ووقع في رواية البخاريّ: "أن يجعل اللَّه رأسه رأس حمار، أو يجعل اللَّه صورته صورة حمار" بالشكّ، قال في "الفتح": الشك من شعبة، فقد رواه الطيالسيّ، عن حماد بن سلمة، وابن خزيمة من رواية حماد بن زيد، ومسلم من رواية يونس بن عبيد، والربيع بن مسلم، كلهم عن محمد بن زياد بغير تردّد، فأما الحمّادان فقالا: "رأس وأما يونس فقال: "صورة وأما الربيع فقال: "وجه"، والظاهر أنه من تصرف الرواة.

قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الروايات متفقة؛ لأن الوجه في الرأس، ومعظم الصورة فيه، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لفظ الصورة يُطلق على الوجه أيضًا، وأما الرأس فرواتها أكثر، وهي أشمل فهي المعتمدة، وخُصّ وقوع الوعيد عليها؛ لأن بها وقعت الجناية، وهي أشمل.