و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٦٠٠)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٢٢٨٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٢/ ٩٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٧٠٩ و ١٧١٠ و ١٧١١ و ١٧١٢ و ١٧١٣ و ١٧١٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٩٥٥ و ٩٥٦ و ٩٥٧ و ٩٥٨)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): أن فيه دليلًا صريحًا على تحريم سبق الإمام بركوع، أو سجود، أو غير ذلك من أجزاء الصلاة عمدًا، فقد توعّد عليه بالمسخ، وهو من أشدّ العقوبات.
ونظر ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- إلى من سبق إمامه، فقال: لا وحدك صلّيت، ولا بإمامك اقتديت، وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- نحوه، وأمره بالإعادة، وفي "مصنّف عبد الرزّاق" عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "إن الذي يرفع رأسه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان"، وكذا قاله سلمان -رضي اللَّه عنه-.
وقال في "الفتح": ظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام؛ لكونه تُوُعِّد عليه بالمسخ، وهو أشدّ العقوبات، وبذلك جزم النوويّ في "شرح المهذب"، ومع القول بالتحريم، فالجمهور على أن فاعله يأثم، وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: تبطل، وبه قال أحمد في رواية، وأهل الظاهر؛ بناءً على أن النهي يقتضي الفساد، وفي "المغني" عن أحمد أنه قال في رسالته: ليس من سبق الإمام صلاةٌ؛ لهذا الحديث، قال: ولو كانت له صلاة لرُجِي له الثواب، ولم يُخْشَ عليه العقاب. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأرجح ما نُقل عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، والإمام أحمد، وأهل الظاهر، كما أسلفت تحقيقه في المسألة الرابعة في شرح حديث أنس -رضي اللَّه عنه- الماضي، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
٢ - (ومنها): بيان الوعيد المذكور من رفع رأسه قبل الإمام، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- على هذا الحديث بقوله:"باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام".
٣ - (ومنها): أن فيه التهديد على المخالفة خشية وقوعها.
٤ - (ومنها): وجوب متابعة الإمام، قال القاضي عياضٌ: لا خلاف أن متابعة الإمام من سنن الصلاة.