قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قاله الزيلعيّ من دعواه كون حديث جابر بن سمرة حديثين غير صحيح، والحقّ ما قاله البخاريّ وابن حبّان من أن الحديث واحد، ولكن اختصره الرواة.
وعلى تقدير تسليمه نقول: إن النهي لا يتناول الرفع المشروع عند الركوع ونحوه، وإنما هو في الرفع الذي ليس مشروعًا، بدليل أن الحنفيّة أنفسهم يستثنون من هذا النهي الرفع في تكبيرات العيدين بدعوى أنها ثابتة بالنصّ، فما أجابوا به هناك فهو جوابنا هنا من غير فرق.
والحاصل أن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، ونحو ذلك ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة التي لا مطعن فيها، فيُقدّم خصوصها على عموم حديث جابر هذا.
ولذا قال السنديّ الحنفيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عند قوله:"فنسلّم بأيدينا. . . إلخ" ما نصّه: وبهذه الرواية تبيّن أن الحديث مسوقٌ للنهي عن رفع الأيدي عند السلام إشارةً إلى الجانبين، ولا دلالة فيه على النهي عن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، ولذلك قال النوويّ: الاستدلال به على النهي عن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه جهلٌ قبيحٌ.
وقد يقال: العبرة بعموم اللفظ، ولفظ:"ما بالهم رافعي أيديهم في الصلاة؟ " إلى قوله: "اسكنوا في الصلاة" تمام، فصحّ بناء الاستدلال عليه، وخصوص المورد لا عبرة به، إلا أن يقال: ذلك إذا لم يعارضه عن العموم عارض، وإلا يُحْمَلُ على خصوص المورد، وها هنا قد صحّ وثبت الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه ثبوتًا لا مردّ له، فيجب حمل هذا اللفظ على خصوص المورد؛ توفيقًا، ودفعًا للتعارض. انتهى المقصود من كلام السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي حقّقه السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أخيرًا هو الحقّ الذي لا مرية فيه، وهذا من إنصافه للحقّ، وعدم تعصّبه لمذهبه الحنفيّ، كما تعصّب له كثير ممن أعماهم التقليد وأصمّهم عن اتّباع الحقّ.
ومن العجيب الغريب أنهم إذا أورد عليهم تناقضهم في المسألة، وقيل