للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حثٌّ لهم على المسابقة إلى تلك الفضيلة، وفيه إرشاد لمن قصر عن المساهمة معهم في المنزلة إلى تحرّي ما يُزاحمهم فيها. انتهى (١).

(ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) أي الذين يَقْرُبون منهم في هذا الوصف، كالمراهقين، أو الذين يقاربون الأولين في النُّهَى والْحِلْم (ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ") كالصبيان المميِّزين، أو الذين هم أنزل مرتبةً من المتقدّمين حِلْمًا وعَقْلًا.

(قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ) عقبة بن عَمْرو -رضي اللَّه عنه- (فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَّدُّ اخْتِلَافًا) قال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا خطاب للقوم الذين هيَّجُوا الفِتَن، وأراد أن سبب الاختلاف والفتن عدم تسوية صفوفكم، وقال أيضًا: لعله أراد الفتن التي وقعت بين الصحابة، و"أشدّ" يَحْتَمِل أن يجري على المبالغة من وضع "أفعل" مقام اسم الفاعل، أي فأنتم اليوم في اختلاف لا مزيد عليه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: إن كلام أبي مسعود -رضي اللَّه عنه- يَحْتَمِل معنيين:

[أحدهما]: أنه يقول: إنكم اليوم أشدّ اختلافًا في الصفوف من اليوم الذي قال لنا فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم"، فإنه كان قليلًا، فقد كان أحيانًا يرى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عدم تسوية الصفّ من بعض الناس، فيُحذّرهم، فقد أخرج الشيخان وغيرهما عن النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنهما- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُسَوِّي صفوفنا، كأنما يُسوّي الْقِدَاحَ حتى رأى أنا قد عَقَلنا عنه، ثم خرج يومًا، فقام حتى كاد يكبّرُ، فرأى رجلًا باديًا صدره من الصفّ، فقال: "عباد اللَّه لتسوّنّ صفوفكم، أو ليُخالفنّ اللَّه بين وجوهكم".

[الثاني]: أنه يقول: أنتم اليوم بسبب عدم تسويتكم الصفوف أشدّ اختلافًا حيث وقعتم في الفتن، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي مسعود -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٤٢.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٤١.