للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم له، بل ربّما قال بعضهم: إن المستحبّ في مذهبنا المقارنة، مستندًا إلى بعض أقوال ساقطة مخالفة للأحاديث الصحيحة، كقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم. . . " الحديث، فلا حول ولا قوّة إلا باللَّه العزيز الحكيم.

اللهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، اللهم ثبّتنا على السنّة، أحينا عليها، وأمتنا عليها، واجعلنا من خيار أهلها أحياءً وأمواتًا، إنك سميع قريبٌ مجيب الدعوات.

٤ - (ومنها): أن أهل الفضل لهم حقّ التقدّم في مجالس الخير والتكريم على حسب مراتبهم، فقد أخرج الإمام أحمد، وابن ماجه بسند صحيح، عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُحبّ أن يليه المهاجرون والأنصار؛ ليحفظوا عنه، وقد أشبع الكلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في هذا كما أسلفناه.

٥ - (ومنها): بيان فضل عهد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ إذ كان وقت تناصح، وتوافق، واتّحاد كلمة، وقليل التنازع والاختلاف، وإنما جاء الاختلاف، واشتدّ بعده -صلى اللَّه عليه وسلم- كما بيّنه أبو مسعود -رضي اللَّه عنه- في هذا الكلام.

٦ - (ومنها): أن العلماء -رحمهم اللَّه تعالى- ذكروا في حكمة إقامة الصفوف أمورًا:

[أحدها]: حصول الاستقامة والاعتدال ظاهرًا، كما هو المطلوب باطنًا.

[ثانيها]: لئلا يتخللَّهم الشيطان، فيفسد صلاتهم بالوسوسة، كما جاء في ذلك الحديث.

[ثالثها]: ما في ذلك من حُسْن الهيئة.

[رابعها]: أن في ذلك تمكّنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم، فإذا تراصُّوا وَسِع جميعهم المسجدُ، وإذا لم يفعلوا ذلك ضاق عنهم.

[خامسها]: أن لا يَشْغَل بعضُهم بعضًا بالنظر إلى ما يشغله منه، إذا كانوا مختلفين، وإذا اصطفُّوا غابت وجوه بعضهم عن بعض، وكثير من حركاتهم، وإنما يلي بعضهم من بعض ظهورهم. انتهى (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٣٢٩.