للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطيالسيّ، قال: سمعت شعبة يقول: داهنت في هذا الحديث، لم أسأل قتادة: أسمعته من أنس أم لا؟ انتهى. قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولم أره عن قتادة إلا معنعنًا، ولعلّ هذا هو السرّ في إيراد البخاريّ لحديث أبي هريرة معه في الباب؛ تقويةً. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قصّة شعبة المذكورة ساقها أبو عوانة -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مسنده" (١/ ٣٧٩) فقال:

(١٣٧٢) حدّثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا أسد بن موسى، قال: سمعت شعبة يقول: كان همتي من الدنيا شَفَتَيْ قتادة، فإذا قال: سمعت كتبت، وإذا قال: قال تركت، وأنه حدّثني بهذا عن أنس بن مالك، يعني حديث النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة"، فلم أسأله، أسمعته؟ مخافة أن يُفْسِده عليّ. انتهى.

قال الجامع: ولعلّ المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أيضًا صنع كصنيع البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-؛ للغرض المذكور، فأورد حديث أنس، ثم أتبعه بحديث أبي هريرة، عكس صنيع البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ) قال ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تسوية الصفوف: اعتدال القائمين بها (٢) على سمت واحد، وقد تدلّ تسويتها أيضًا على سدّ الْفُرَج فيها؛ بناء على التسوية المعنويّة، والاتّفاق على أن تسويتها بالمعنى الأول والثاني أمر مطلوب، وإن كان الأظهر أنّ المراد بالحديث الأولَ. انتهى (٣).

فقوله: "سوّوا" فيه دليلٌ على وجوب تسوية الصفوف، وقد تقدّم أن هذا الحقّ.


(١) "الفتح" ٢/ ٢٤٥.
(٢) قال البرماويّ: كان ينبغي أن يعبّر بالتعديل، فإنه هو التسوية، لا الاعتدال؛ إذ لا يفسّر المتعدّي بالقاصر. اهـ. "العدّة" ٢/ ٢١٦.
(٣) "إحكام الأحكام" ٢/ ٢١٦ بنسخة الحاشية.