للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمعنى: حتى قرُب تكبيره -صلى اللَّه عليه وسلم- للإحرام.

(فَرَأَى رَجُلًا) لم يُذكر اسمه (بَادِيًا) أي ظاهرًا خارجًا (صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ) أي من صُدُور أهل الصفّ، وفي رواية لأحمد، وأبي داود: "حتى إذا ظَنّ أنا قد أخذنا ذلك عنه، وفهمناه، أقبل ذات يوم بوجهه، فإذا رجل مُنْتَبِذٌ بصدره. . . "، وفي رواية لأحمد: "فلما أراد أن يكبّر رأى رجلًا شاخصًا صدره. . . "، وفي رواية له، وابن ماجه: "فرأى صدر رجل ناتئًا" يعني مرتفعًا بالتقدّم على أصحابه (١).

(فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("عِبَادَ اللَّهِ) منصوب على النداء بحذف حرف النداء، وهو جائز في سعة الكلام، كما قال في "الخلاصة":

وَغَيْرُ مُضْمَرٍ وَمَنْدُوبٍ وَمَا … جَا مُسْتَغَاثًا قَدْ يُعَرَّى فَاعْلَمَا

وقال الحريريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مُلْحته":

وَحَذْفُ "يَا" يَجُوزُ فِي النِّدَاءِ … كَقَوْلِهِمْ "رَبِّ اسْتَجِبْ دُعَائِي"

(لَتُسَوُّنَّ) -بفتح اللام، وضم التاء المثناة، وفتح السين، وضم الواو المشددة، وتشديد النون- ووقع في "صحيح البخاريّ" في رواية المستملي: "لَتُسَوُّون" بواوين، قال البيضاويّ: هذه اللام هي التي يُتَلَقَّى بها القسم، والقسم هنا مقدَّر، ولهذا أكده بالنون المشددة. انتهى. وقد صرّح بالقسم في رواية لأبي داود، ولفظه: "واللَّه لتقيمنّ صفوفكم، أو ليخالفنّ بين قلوبكم" (صُفُوفَكُمْ) بالنصب على المفعوليّة لـ "تُسوّنّ"، والمراد بتسوية الصفوف اعتدال القائمين بها على سَمْتٍ واحد، أو يراد بها سَدّ الخلل الذي في الصفّ (أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ) أي إن لم تُسَوُّوا. قال البيضاويّ: "أو" للعطف، رَدّد بين تسويتهم الصفوف، وما هو كاللازم لنقيضها، وقال الطيبيّ: إن مثل هذا التركيب متضمّن للأمر توبيخًا وتهديدًا، أي ليكن أحد الأمرين: إما تسوية الصفوف، أو أن يُخالف اللَّه تعالى بين وجوهكم. انتهى (٢).

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قيل: معناه: يمسخها، ويُحَوِّلها عن صورها؛


(١) "المرعاة" ٤/ ٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٤٠.