للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال في "العمدة": الفرق بين النداء والأذان أن لفظة الأذان والتأذين أخصّ من لفظ النداء لغةً وشرعًا، والفرق بين الأذان والتأذين، أن التأذين يتناول جميع ما يصدُر من المؤذن من قول وفعل وهيئة ونية، وأما الأذان فهو حقيقةٌ تُعْقَلُ بدون ذلك. انتهى (١).

(وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ) زاد أبو الشيخ في رواية له، من طريق الأعرج، عن أبي هريرة: "من الخير والبركة"، والتقدير: لو يعلم الناس ما في الصف الأول، وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أَطْلَق مفعول "يَعْلَم"، وهو كلمة "ما"، ولم يُبَيِّن الفضيلة ما هي؟ ليفيد ضربًا من المبالغة، وأنه مما لا يدخل تحت الوصف، والإطلاق إنما هو في قدر الفضيلة، وإلا فقد بُيِّنت في الرواية الأخرى: "بالخير والبركة"، قاله في "الفتح" (٢).

[تنبيه]: اختُلف في المراد بالصفّ الأول، فقيل: ما يلي الإمام مطلقًا، وهو الأصحّ، وقيل: أول صفّ تامّ يلي الإمام، لا ما تخلّله شيء، كمقصورة، وقيل: المراد به من سبق إلى الصلاة، ولو صلّى في آخر الصفوف، وهذا ضعيفٌ.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله، والحثّ عليه هو الصف الذي يلي الإمام، سواء جاء صاحبه متقدمًا، أو متأخرًا، وسواء تخلله مقصورة ونحوها، أم لا، هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث، وصرح به المحققون، وقال طائفة من العلماء: الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه، لا يتخلله مقصورة ونحوها، فإن تخلل الذي يلي الإمام شيء فليس بأول، بل الأول ما لا يتخلله شيء، وإن تأخر، وقيل: الصف الأول عبارة عن مجيء الإنسان إلى المسجد أوّلًا، وإن صلّى في صف متأخر، وهذان القولان غلطٌ صريحٌ، وإنما أذكره ومثله لأُنَبِّه على بطلانه؛ لئلا يغتر به.


(١) "عمدة القاري" ٥/ ١٨٢.
(٢) ٢/ ١١٥.