للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انتهى (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.

(ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا) أي للتمكّن من النداء والصفّ الأول، ووقع عند البخاريّ في رواية المستملي، والحمويّ: "ثم لا يجدون"، وحَكَى الكرمانيّ أن في بعض الروايات: "ثم لا يجدوا"، ووجّهَهُ بجواز حذف النون تخفيفًا، قال الحافظ: ولم أقف على هذه الرواية (إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا) أي يقترعوا، من الاستهام، وهو الاقتراع، يقال: استهموا، فسَهَمَهم فلانٌ سَهْمًا: إذا أقرعهم، وقال صاحب "العين": القُرْعة مثالُ الظُّلْمة: الاقتراع، وقد اقتَرَعوا، وتقارعوا، وقارعته فقرعته: أي أصابتني القُرْعة دونه، وأقرعت بينهم: إذا أمرتهم أن يقترعوا، وقارعت بينهم أيضًا، والأول أصوب، ذكره ابن التيانيّ في "الموعب"، وفي "التهذيب" لأبي منصور، عن ابن الأعرابيّ: القرع، والسبق، والندب: الخطر الذي يَستِبق عليه.

والمعنى: لم يجدوا شيئًا من وجوه الأولوية إلا بالاقتراع، أما في الأذان فبأن يستووا في معرفة الوقت، وحسن الصوت، ونحو ذلك من شرائط المؤذن، وتكملاته، وأما في الصف الأول فبأن يَصِلُوا دفعةً واحدةً، ويستووا في الفضل، فيُقْرَع بينهم، إذا لم يتراضوا فيما بينهم في الحالين (٢).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: أنهم لو عَلِمُوا فضيلة الأذان، وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقًا يحصلونه به؛ لضيق الوقت، أو لكونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله، ولو يعلمون ما في الصفّ الأول من الفضيلة نحو ما سبق، وجاءوا إليه دفعةً واحدةً، وضاق عليهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به لاقترعوا عليه. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٠.
(٢) "الفتح" ٢/ ١١٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٤/ ١٥٧ - ١٥٨.