(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان فضيلة الأذان، وقد تقدّم البحث فيه مستوفًى في أبوابه.
٢ - (ومنها): بيان فضيلة الصفّ الأول، والقرب من الإمام؛ لاستماع القرآن إذا جهر، والتأمين عند فراغه من الفاتحة، والتكبير عقب تكبيره، وأيضًا يَحْتَمِل أن يحتاج الإمام إلى استخلاف عند الحاجة، فيكون هو خليفته، فحصل له بذلك أجر عظيم، أو يضبط صفة الصلاة، وينقلها ويعلمها الناس، وسيأتي في الباب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خير صفوف الرجال أولها، وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أولها".
وأخرج الدارميّ بسند صحيح، عن عرباض بن سارية -رضي اللَّه عنه- "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يستغفر للصف الأول ثلاثًا، وللصف الثاني مرةً".
وأخرج أبو داود بسند صحيح، عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول، حتى يؤخرهم اللَّه في النار".
وأخرج النسائيّ بإسناد صحيح، عن البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتخلل الصفوف من ناحية إلى ناحية، يمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول: لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، وكان يقول: "إن اللَّه وملائكته يصلون على الصفوف المتقدمة".
وأخرج الطبرانيّ بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي اللَّه عنه-: "إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول".
وعند ابن حبان عن البراء عن عازب -رضي اللَّه عنهما-: "إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول"، واللَّه تعالى أعلم.
٣ - (ومنها): بيان جواز تسمية العشاء عَتَمَةً، وقد ورد النهي عن تسميتها بها، فقد أخرج المصنّف عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَغْلِبَنَّكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء، فإنها في كتاب اللَّه العشاء، وإنها تُعْتِم بحلاب الإبل".
وقد جمع العلماء بينهما بوجهين:
(أحدهما): أن النهي للتنزيه، لا للتحريم.
(والثاني): وهو الأظهر، أن استعمال العتمة هنا لمصلحة، ونفي مفسدة؛