للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن الحكم يزول بزوال علته، والمراد بالانتفاء ها هنا انتفاء الخروج إلى المساجد التي للصلاة. انتهى كلام ابن دقيق العيد -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في حكم خروج النساء إلى المساجد:

قال في "طرح التثريب" عند الكلام على حديث: "وبيوتهنّ خير لهنّ" -وقد تقدّم الكلام عليه- ما حاصله: في هذا حجة لمن لم يستحبّ لهنّ شهود الجماعة، وهو قول أهل الكوفة، وكان إبراهيم النخعيّ يمنع نساءه الجمعة والجماعة، وقال أبو حنيفة: أكره للنساء شهود الجمعة، والصلاة المكتوبة، وقد أرخص للعجوز أن تشهد العشاء والفجر، وأما غير ذلك فلا، وقال الثوريّ: ليس للمرأة خير من بيتها، وإن كانت عجوزًا، وقال أبو يوسف: أكرهه للشابّة، ولا بأس أن تخرج العجوز في الصلوات كلها، وقال الشافعيّة: إن أردن حضور المسجد مع الرجال كُرِه للشواب دون العجائز، ورَوَى أشهب عن مالك قال: وللْمُتَجَالَّة -أي الكبيرة السنّ- أن تخرج إلى المسجد، ولا تكثر التردد إليه، وللشابة أن تخرج المرة بعد المرة. انتهى (٢).

وقال العلامة أبو محمد بن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولا يحلّ لوليّ المرأة، ولا لسيّد الأمة منعهما من حضور الصلاة في جماعة في المسجد، إذا عُرف أنهنّ يُردن الصلاة، ولا يحلّ لهنّ أن يخرجن متطيّبات، وفي ثياب حِسَان، فإن فعلت فليمنعها، وصلاتهنّ في الجماعة أفضل من صلاتهنّ منفردات.

قال: وقال أبو حنيفة ومالك: صلاتهنّ في بيوتهنّ أفضل، وكره أبو حنيفة خروجهنّ إلى المساجد لصلاة الجماعة، وللجمعة، وفي العيدين، ورَخص للعجوز خاصّةً في العشاء الآخرة والفجر، وقد روي عنه أنه لم يكره خروجهنّ في العيدين.

وقال مالك: لا نمنعهنّ من الخروج إلى المساجد، وأباح للْمُتَجَالّة -أي


(١) "إحكام الأحكام" ٢/ ١٣٩ - ١٤٣.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٢/ ٣١٧.