للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّة: يحيى عن عمرة.

٥ - (ومنها): أن عمرة ممن لازم عائشة -رضي اللَّه عنها-، وأكثرت الرواية عنها.

٦ - (ومنها): أن فيه عائشة -رضي اللَّه عنها- من المكثرين السبعة، روت من الحديث (٢٢١٠).

شرح الحديث:

(عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ) -رضي اللَّه عنها- (زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بنصب "زوج" على أنه بدلٌ، أو عطف بيان لـ "عائشة"، والزوج بلا هاء أفصح من الهاء، وهو الذي جاء في التنزيل، قال اللَّه -عزَّ وجلَّ-: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: ٣٥]، وقال تعالى: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: ٩٠]، وقد تقدّم تمام البحث فيه. (تَقُولُ: لَوْ) شرطيّة، وجوابها قوله: "لمنعهنّ المساجد" (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلي اللَّه عليه وسلم- رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ) "ما" موصولة، في محلّ نصب على أنها مفعول "رأى"، و"رأى" هنا بصريّة، أي ما أحدثنه من الزينة، وحسن الثياب، والتزاحم والاختلاط بالرجال (لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ) أي حضور المسجد للصلاة فيه (كَمَا مُنِعَتْ) بالبناء للمفعول (نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) هم أولاد يعقوب -عليه السلام-، قال في "العمدة": يَحْتَمل أن تكون شريعتهم المنع، ويَحْتَمل أن يكون منعهنّ بعد الإباحة، ويَحتمل غير ذلك مما لا طرق لنا إلى معرفته إلا بالخبر. انتهى (١).

قال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [فإن قلت]: من أين علمت عائشة هذه الملازمة، والحكمُ بالمنع وعدمه ليس إلا للَّه تعالى؟.

[قلت]: مما شاهدت من القواعد الدينية المقتضية لحسم موادّ الفساد، والأَولى في هذا الباب أن يُنظَر إلى ما يُخشَى منه الفساد، فيُجتَنَبَ لإشارته -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى ذلك بمنع الطيب والتزين، حيث قال: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمسّ طيبًا"، رواه مسلم، ورَوَى أبو داود من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: "لا تمنعوا إماء اللَّه مساجد اللَّه، ولكن لِيَخْرُجن، وهنّ تَفِلات (٢) "، وكذلك قَيّد ذلك


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٢٢٨.
(٢) قوله: "تَفِلات": جمع تَفِلَة -بفتح التاء المثناة من فوقُ، وكسر الفاء- من التَّفَل، وهو سوء الرائحة، يقال: امرأة تَفِلَة: إذا لم تتطيب، ويقال: رجل تَفِلٌ، وامرأة =