أعرابيّ من بني تميم، إذا سَلَّم النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- قال: اللهم ارزقني إبلًا وولدًا، قال: فنزلت هذه الآية: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. انتهى.
ورَوَى سعيد بن منصور من طريق صحابيّ لم يُسَمّ رَفَعَه في هذه الآية:"لا ترفع صوتك في دعائك، فتذكُرَ ذنوبك، فتُعَيَّر بها"(١).
(الثالث): قول ابن سيرين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كان الأعراب يجهرون بتشهّدهم، فنزلت الآية في ذلك.
قال ابن جرير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: حدثنا أبو السائب، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: نزلت هذه الآية في التشهد، {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، وبه قال حفص، عن أشعث بن سوّار، عن محمد بن سيرين مثله.
(الرابع): ما رُوي عن ابن سيرين أيضًا أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- كان يُسرّ قراءته، وكان عمر -رضي اللَّه عنه- يجهر بها، فقيل لهما في ذلك؟ فقال أبو بكر: إنما أناجي ربي، وهو يعلم حاجتي إليه، وقال عمر: أنا أطرُد الشيطان، وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية، قيل لأبي بكر: ارفع قليلًا، وقيل لعمر: اخفض قليلًا.
وقال ابن جرير الطبريّ: حدّثنا يعقوب، حدّثنا ابن عُلَيّة، عن سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: نُبِّئت أن أبا بكر كان إذا صلى، فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبي بكر: لم تصنع هذا؟ قال: أناجي ربي -عزَّ وجلَّ-، وقد عَلِم حاجتي، فقيل: أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال: أطرد الشيطان، وأوقظ الْوَسْنان، قيل: أحسنت، فلما نزلت:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}، قيل لأبي بكر: ارفع شيئًا، وقيل لعمر: اخفض شيئًا. انتهى.
(الخامس): ما رُوي عن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- أيضًا أن معناها: ولا تجهر بصلاة النهار، ولا تخافت بصلاة الليل، ذكره يحيى بن سلّام وغيره.
وقال في "الفتح": قال الطبريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لولا أننا لا نستجيز مخالفة أهل التفسير فيما جاء عنهم، لاحْتَمَل أن يكون المراد لا تجهر بصلاتك، أي