للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بقراءتك نهارًا ولا تخافت بها أي ليلًا، وكان ذلك وجهًا لا يبعد من الصحة. انتهى. وقد أثبته بعض المتأخرين قولًا. انتهى (١).

(السادس): قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في قوله: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} وقال: لا تُصَلّ مراءاةً للناس، ولا تَدَعها مخافةَ الناس، وقال الثوريّ عن منصور، عن الحسن البصريّ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، قال: لا تُحْسن علانيتها، وتسيء سريرتها، وكذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن به، وهشام، عن عوف عنه به، وسعيد عن قتادة عنه كذلك.

(السابع): قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، في قوله: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} وقال: أهل الكتاب يخافتون، ثم يجهر أحدهم بالحرف، فيصيح به، ويصيحون هم به وراءه، فنهاه أن يصيح كما يصيح هؤلاء، وأن يخافت كما يخافت القوم، ثم كان السبيل الذي بين ذلك الذي سَنّ له جبريل من الصلاة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أرجح هذه الأقوال هو الأول والثاني؛ لقوتهما صحّةً، ولا تنافي بينهما؛ إذ يُحمل الدعاء على الدعاء الذي يكون في الصلاة، ويؤيّده ما رَوَاه ابن مردويه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء، فنَزَلت. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): بيان استحباب التوسّط في القراءة في الصلاة الجهريّة، فينبغي للقارئ أن يكون رفعه لصوته وسطًا، بحيث لا يحصل منه ضرر لأيّ أحد، لا له، ولا لمن يستمع منه.


(١) "الفتح" ٨/ ٢٥٨.
(٢) راجع: هذه الأقوال في: "تفسير ابن جرير" ١٧/ ٥٨٠ - ٥٨٩، و"تفسير ابن كثير" ٣/ ٩٨ - ٩٩.
(٣) "الفتح" ٨/ ٢٥٨.