للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى عبد بن حميد في "تفسيره" عن عكرمة أن اسم جبريل: عبد اللَّه، واسم ميكائيل: عبيد اللَّه.

وقال السهيليّ: جبريل سريانيّ، ومعناه: عبد الرحمن، أو عبد العزيز، كما جاء عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصحّ.

وذهبت طائفة إلى أن الإضافة في هذه الأسماء مقلوبة، فـ "إيل" هو العبد، وأوله اسم من أسماء اللَّه تعالى، والجبر عند العجم هو إصلاح ما فسد، وهي توافق معناه من جهة العربية، فإن في الوحي إصلاحَ ما فسد، وجَبْرَ ما وَهَى من الدين.

ولم يكن هذا الاسم معروفًا بمكة، ولا بأرض العرب، ولهذا لما ذكره النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- لخديجة -رضي اللَّه عنها- انطلقت لتسأل مَن عنده علم من الكتاب، كعَدّاس، ونَسطُور الراهب، فقالا: قدوس قدوس، ومن أين هذا الاسم بهذه البلاد؟ (١).

(بِالْوَحْي) أي بالقرآن الذي أوحاه اللَّه -عزَّ وجلَّ- إليه (كَانَ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما كرّر "كان" لطول الكلام، وقد قال العلماء: إذا طال الكلام جاز إعادة اللفظ ونحوه، كقوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون: ٣٥]، فأعاد "أنكم" لطول الكلام، وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [البقرة: ٨٩] إلى قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: ٨٩]، وقد سبق بيان هذه المسألة مبسوطًا في أوائل "كتاب الإيمان". انتهى (٢).

(مِمَّا يُحَرِّكُ بهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ) اختلفوا في معنى هذا الكلام وتقديره، فقال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معناه: كثيرًا ما كان يفعل ذلك، قال: وقيل: معناه: هذا من شأنه ودأبِهِ، فجعل "ما" كنايةً عن ذلك، وأدغمت نون "من" في ميم "ما".

ومنه قوله في حديث سمرة -رضي اللَّه عنه-: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلّى الصبح مما يقول لأصحابه: "مَن رأى منكم رؤيا" أي هذا من شأنه.

وحديث البراء -رضي اللَّه عنه-: "كُنّا إذا صلّينا خلف النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- مما نُحبّ أن نكون عن يمينه"، أي هذا شأننا.


(١) "عمدة القاري" ١/ ١٢٧.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٦.