للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد بيّن السيوطيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- النوع المسلسل مع بيان أنواعه، وفائدته في "ألفيّة الحديث"، حيث قال:

هُوَ الَّذِي إِسْنَادُهُ رِجَالَهْ … قَدْ تَابَعُوا فِي صِفَةٍ أَوْ حَالَهْ

قَوْلِيَّةٍ فِعْلِيَّةٍ كِلَيْهِمَا … لَهُمْ أَوِ الإِسْنَادِ فِيمَا قُسِّمَا

وَخَيْرُهُ الدَّالُ (١) عَلَى الْوَصْفِ وَمِنْ … مُفَادِهِ زِيَادَةُ الضَّبْطِ زُكِنْ

وَقَلَّمَا يَسْلَمُ فِي التَّسَلْسُلِ … مِنْ خَلَلٍ وَرُبَّمَا لَمْ يُوصَلِ

كَأَوَّليَّةٍ لِسُفْيَانَ انْتَهَى … وَخَيْرُهُ مُسَلْسَلٌ بِالْفُقَهَا

٥ - (ومنها): بيان أن اللَّه تعالى تكفّل لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا ينسى القرآن، وأنه كان بعد نزول هذه الآية يستمع ويُنصت لقراءة جبريل -عليه السلام-، فإذا انتهى جبريل من قراءته، وذهب من عنده قرأه النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- على أصحابه كما قرأه جبريل -عليه السلام- من غير زيادة، ولا نقص، كما قال اللَّه تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: ٦].

٦ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أنّ أحدًا لا يحفظ القرآن إلا بعون اللَّه تعالى وفضله، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢)} [القمر: ٣٢].

٧ - (ومنها): ما قاله القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلف السلف والخلف في الْهَذّ -أي الإسراع في القراءة- أو الترتيل، فمن رأى الْهَذّ أراد استكثار الأجر، وحَوْز الحسنات بعدد الكلمات، ومن رأى الترتيل -وهم الأكثرون- ذهبوا إلى تفهّم معانيه، والوقوف عند حدوده، وتدبّر آياته، وتحسين تلاوته، كما أمر اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث قال: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: ٤]، ولا خلاف أن الْهَذّ المفضي إلى لفّ كلماته، وترك إقامة حروفه غير جائز، وقال مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مِن الناس مَنْ إذا هَذّ كان أخفّ عليه، وإذا رتّل أخطأ، ومنهم من لا يُحسن الْهَذّ، والناس في ذلك على قدر حالاتهم، وما يَخفّ عليهم، وكلّ واسع. قال: وما قاله مالكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وغيره ممن أجاز الهذّ، فإنما هو لمن لم يكن حظّه غير مجرّد التلاوة، وفضل القراءة، فأما من فتح اللَّه عليه بعلمه، وتلاه


(١) بتخفيف اللام؛ للوزن.