للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (أَبُو عَوَانَةَ) الوضّاح بن عبد اللَّه اليشكريّ الواسطيّ البزّاز، ثقةٌ ثبتٌ [٧] (ت ٥ أو ١٧٦) (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٤.

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (فِي قَوْله: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)}، قَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (كَانَ النَّبِيُّ -صلي اللَّه عليه وسلم- يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ) المعالجة: محاولة الشيء بمشقّة، وقوله: "شدّةً" منصوب على المفعوليّة لـ "يُعالج"، وقال في "العمدة": أي يحاول من تنزيل القرآن عليه شِدّةً، ومنه ما جاء في حديث آخر: "وَلي حرَّه، وعِلاجه": أي عَمَله وتَعَبَهُ، ومنه قوله: "من كسبه وعلاجه": أي من محاولته وملاطفته في اكتسابه، ومنه معالجة المريض، وهي ملاطفته بالدواء حتى يُقْبِل عليه، والمعالجة: الملاطفة في المراودة بالقول والفعل، ويقال: محاولةُ الشيء بمشقة. انتهى.

وجملة: "يعالج" في محلّ نصب خبر "كان".

وقوله: (شِدَّةً) بالنصب مفعول "يعالج"، وقال الكرمانيّ: يجوز أن يكون مفعولًا مطلقًا له، أي يعالج معالجةً شديدةً، فعلى هذا يحتاج إلى شيئين: أحدهما تقدير المفعول به لـ "يعالج"، والثاني تأويل الشّدّة بالشديدة، وتقدير الموصوف لها، فافهم، قاله في "العمدة" (١).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: سبب الشدّة هيبة الملك، وما جاء به، وثقل الوحي، قال اللَّه تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥)} [المزمل: ٥]، والمعالجة: المحاولة للشيء، والمشقّة في تحصيله. انتهى (٢).

(كَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ) ببناء الفعل للفاعل، وفي الرواية السابقة: "وكان مما يُحرّك شفتيه"، وقد تقدّم الكلام عليها، قال سعيد: (فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (أَنَا أُحَرِّكهُمَا) أي الشفتين، وفي رواية البخاريّ: "فقال ابن عبّاس: فأنا أحرّكهما"، قال في "العمدة": تقديم فاعل الفعل يُشعر بتقوية الفعل، ووقوعه لا محالة، قال: وقوله: فقال لي ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- إلى قوله:


(١) "عمدة القاري" ١/ ١٢٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٦.