للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": يقال: حال الشيءُ بيني وبينك: أي حَجَزَ، وأصل مصدره واويّ، يعني من الْحَوْل، وأصلُ حِيلَ حُولَ، نُقِلت كسرة الواو إلى ما قبلها، بعد حذف الضمة منها، فصار حِيلَ. انتهى (١).

(بَيْنَ الشَّيَاطِينِ) جمع شيطان، قال الزمخشريّ: وقد جَعَل سيبويه نون الشيطان في موضع من كتابه أصليةً، وفي آخر زائدةً، واشتقاقه من شَطَن: إذا بَعُدَ؛ لبعده عن الصلاح والخير، أو من شاط إذا بطل، إذا جعلت نونه زائدة، والشياطين: العصاة من الجنّ، وهم من ولد إبليس، والمراد أعتاهم وأغواهم، وهم أعوان إبليس، يُنَفِّذون بين يديه في الإغواء، وقال الجوهريّ: كل عاتٍ متمرّدٍ من الجنّ، والإنس، والدواب شيطان.

وقال القاضي أبو يعلى: الشياطين: مردة الجنّ وأشرارهم، ولذلك يقال للشِّرِّير: ماردٌ وشيطانٌ، وقال تعالى: {شَيْطَانٍ مَارِدٍ} [الصافات: ٧].

وقال أبو عمر بن عبد البر: الجنّ مُنَزَّلون على مراتب، فإذا ذكر الجنّ خالصًا، يقال: جنيّ، وإن أريد به أنه ممن يَسْكُن مع الناس، يقال: عامرٌ، والجمع عُمّار، وإن كان مما يَعْرِض للصبيان، يقال: أرواح، فإن خَبُث فهو شيطان، فإن زاد على ذلك فهو ماردٌ، فإن زاد على ذلك، وقَوِيَ أمره فهو عِفْرِيت، والجمع عفاريت. انتهى.

وفي الحديث المذكور ذكر وجود الجنّ، ووجود الشياطين، ولكنهما نوع واحدٌ، غير أنهما صارا صنفين باعتبار أَمْرٍ عَرَض لهما، وهو الكفر والإيمان، فالكافر منهم يُسَمَّى بالشيطان، والمؤمن بالجنّ، قاله في "العمدة" (٢).

(وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ) وفي نسخة: "وأُرسل" بلا تاء التأنيث (عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ) بضم الهاء: جمع شِهَاب، وهو شُعْلة نار، ساطعةٌ كأنها كوكب مُنْقَضٌّ.

قال "الفتح": ظاهر هذا أن الحيلولة، وإرسال الشهب وقع في هذا الزمان المقدَّم ذكْرُهُ، والذي تضافرت به الأخبار أن ذلك وقع لهم من أول البعثة النبوية، وهذا مما يؤيِّد تغاير زمن القصّتين، وأن مجيء الجنّ لاستماع


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٥١.
(٢) "عمدة القاري" ٦/ ٥٢.