للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقولُ ابن عباس في حديثه: "وهو يصلّي بأصحابه" لم يُضْبَط ممن كان معه في تلك السفرة غيرُ زيد بن حارثة، فلعل بعض الصحابة تلقّاه لَمّا رجع، واللَّه أعلم.

وقول من قال: إن وفود الجن كان بعد رجوعه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الطائف ليس صريحًا في أولية قدوم بعضهم، والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء، من استراق الجنّ السمع دالٌّ على أن ذلك كان قبل المبعث النبويّ، وإنزال الوحي إلى الأرض، فكَشَفُوا ذلك إلى أن وقفوا على السبب، ثم لما انتشرت الدعوة، وأسلم من أسلم، قَدِموا، فسمعوا، فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة. انتهى ما في "الفتح" (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تبيّن بما ذُكر من سياق الروايات المختلفة، أن وقائع قصّة الجنّ متعدّدة، قبل الهجرة إلى المدينة، وبعدها، وبهذا تندفع الإشكالات الواردة على تلك الأحاديث، فتنبّه لذلك، واللَّه تعالى أعلم.

(نَحْوَ تِهَامَةَ) -بكسر التاء المثناة- اسم لكل مكان غير عال، من بلاد الحجاز، سُمِّيت بذلك؛ لشدة حرّها؛ اشتقاقًا من التَّهَم -بفتحتين- وهو شدّة الحرّ، وسكونُ الريح، وقيل: من تَهِمَ الشيءُ (٢): إذا تغير، قيل لها ذلك لتغير هوائها، قال البكريّ: حدّها من جهة الشرق ذات عِرْق، ومن قبل الحجاز السَّرْج -بفتح المهملة، وسكون الراء، بعدها جيم-: قرية من عَمَل الْفُرْع، بينها وبين المدينة اثنان وسبعون ميلًا. انتهى (٣).

وقال في "الموعب": تهامة: اسم مكة، وطرف تهامة من قِبَل الحجاز مدارج الْعَرْج، وأولها من قِبَل نَجْد مدارج عِرْق، فإذا نُسِب إليها يقال: تَهَاميّ، بفتح التاء، قاله أبو حاتم، وعن سيبويه بكسرها، وفي "أمالي الْهَجَريّ": آخر تهامة أعلام الحرم الشاميّ.


(١) "الفتح" ٧/ ٢٠٨ - ٢١٠ "كتاب مناقب الأنصار" "باب ذكر الجنّ" رقم الحديث (٣٨٦٠).
(٢) من باب تَعِبَ. "المصباح".
(٣) "الفتح" ٨/ ٥٤٢ رقم (٤٩٢٠ - ٤٩٢١).