ببطن نَخْل، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، وكانوا سبعةً، أحدهم زوبعة. وهذا يوافق حديث ابن عباس.
وأخرج مسلم من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، عن علقمة، قال: قلت لعبد اللَّه بن مسعود: هل صَحِب أحد منكم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجنّ؟ قال: لا، ولكنا فقدناه. . . الحديث.
قال: وقول ابن مسعود في هذا الحديث: إنه لم يكن مع النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- أصح مما رواه الزهريّ، أخبرني أبو عثمان بن شيبة الْخُزَاعيّ، أنه سمع ابن مسعود يقول: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لأصحابه، وهو بمكة:"مَن أحبّ منكم أن ينظر الليلة أثر الجنّ فليفعل"، قال: فلم يحضر منهم أحد غيري، فلما كنا بأعلى مكة خَطّ لي برجله خَطًّا، ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق، ثم قرأ القرآن، فغشيته أسودة كثيرة، حالت بيني وبينه، حتى ما أسمع صوته، ثم انطلقوا، وفَرَغَ منهم مع الفجر، فانطلق. . . الحديث.
قال البيهقيّ: يَحْتَمِل أن يكون قوله في "الصحيح": ما صَحِبه منا أحدٌ أراد به في حال إقرائه القرآن، لكن قوله في "الصحيح": إنهم فقدوه يدلّ على أنهم لم يعلموا بخروجه إلا أن يُحْمَل على أن الذي فقده غير الذي خرج معه، فاللَّه أعلم.
ولرواية الزهريّ متابع من طريق موسى بن عُلَيّ بن رَبَاح، عن أبيه، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: استتبعني النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم-، فقال:"إن نفرًا من الجنّ خمسة عشر بني إخوة، وبني عمّ، يأتونني الليلةَ، فأقرأ عليهم القرآن"، فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد، فَخَطّ لي خَطًّا. . .، فذكر الحديث، نحوه، أخرجه الدارقطنيّ، وابن مردويه، وغيرهما.
وأخرج ابن مردويه، من طريق أبي الجوزاء، عن ابن مسعود نحوه مختصرًا.
وذكر ابن إسحاق أن استماع الجنّ كان بعد رجوع النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- من الطائف لَمّا خرج إليها يدعو ثقيفًا إلى نصره، وذلك بعد موت أبي طالب، وكان ذلك في سنة عشر من المبعث، كما جزم ابن سعد بأن خروجه إلى الطائف كان في شوال، وسوق عكاظ التي أشار إليها ابن عباس كانت تقام في ذي القعدة،