للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُرَوْن لرقة أجسادهم، ونفوذ الشعاع، ومنهم من قال: إنهم لا يُرَون؛ لأنهم لا ألوان لهم.

وقال الشيخ أبو العباس ابن تيمية: لم يخالف أحدٌ من طوائف المسلمين في وجود الجنّ، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجنّ، وإن وُجِد من يُنكِر ذلك منهم كما يوجد في بعض طوائف المسلمين، كالجهمية، والمعتزلة من ينكر ذلك، وإن كان جمهور الطائفة، وأئمتها مقرين بذلك، وهذا لأن وجود الجنّ تواترت به أخبار الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- تواترًا معلومًا بالاضطرار. ذكره في "العمدة" (١).

٦ - (ومنها): بيان أن الاعتبار بما قضى اللَّه للعبد من حسن الخاتمة، لا بما يظهر منه من الشرّ، ولو بلغ ما بَلَغ؛ لأن هؤلاء الذين بادروا إلى الإيمان بمجرد استماع القرآن لو لم يكونوا عند إبليس في أعلى مقامات الشرّ ما اختارهم للتوجه إلى الجهة التي ظهر له أن الْحَدَث الحادث من جهتها، ومع ذلك فغَلَب عليهم ما قُضِي لهم من السعادة بحسن الخاتمة، ونحو ذلك قصة سَحَرَة فرعون (٢).

٧ - (ومنها): ما قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اتّفق العلماء على أن الجن يُعَذَّبون في الآخرة على المعاصي، قال اللَّه تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: ١٣]، واختلفوا في أن مؤمنهم ومطيعهم هل يدخل الجنة، وُينَعَّم بها ثوابًا ومجازاةً له على طاعته، أم لا يدخلون، بل يكون ثوابهم أن ينجوا من النار، ثم يقال: كونوا ترابًا كالبهائم؟ وهذا مذهب ابن أبي سُلَيم وجماعة، والصحيح أنهم يدخلونها، ويُنَعَّمون فيها بالأكل والشرب وغيرهما، وهذا قول الحسن البصريّ، والضحاك، ومالك بن أنس، وابن أبي ليلى، وغيرهم (٣).

وقال في "العمدة" -في بيان ابتداء خلق الجن-: وفي كتاب "المبتدأ"


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٥٥.
(٢) راجع: "الفتح" ٨/ ٥٤٣ "كتاب التفسير".
(٣) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٩.