للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحاصل أن الجنّ مثل الإنس، في الثواب والعقاب، ودخول الجنّة، والنار؛ لدلالة النصوص على هذا، كالآية المذكورة، وكقوله تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٥٦]، وغير ذلك، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.

٨ - (ومنها): أن هذا الحديث مع حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- الآتي بعده، والأحاديث الأخرى يدلّ على أن الجنّ أصناف متعددة، وتعددت وفادتهم على النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة والمدينة بعد الهجرة، فقول من قال باتّحاد قصّة ليلة الجنّ غير صحيح، كما أسلفنا تحقيقه قريبًا، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٠١٢] (٤٥٠) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى (١)، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ: هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ، أَوِ اغْتِيلَ، قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا، إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ، فَطَلَبْنَاكَ، فَلَمْ نَجِدْكَ، فَبِتْنَا بِشَرَّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَقَالَ: "أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ، فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ"، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ (٢)، فَقَالَ: "لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ، ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ"، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُم").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى) أبو موسى العنَزيّ، تقدّم قبل بابين.


(١) وفي نسخة: "وحدّثني عبد الأعلى".
(٢) وفي نسخة: "وسألوه عن الزاد".