للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَسْعُودٍ) -رضي اللَّه عنه- أي عن حضوره تلك الليلة، فقوله: (فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ) تفصيل، وتفسير لمعنى "سألتُ" (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَيْلَةَ الْجِنِّ؟) أي ليلة حضور الجنّ مجلس النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِيسألوه عن الدين، ويستفتوه في بعض المسائل (قَالَ) ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (لَا) أي لم يشهد أحدّ منا تلك الليلة.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا صريح في إبطال الحديث المرويّ في "سنن أبي داود" وغيره المذكور فيه الوضوء بالنبيذ، وحضور ابن مسعود معه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الجنّ، فإن هذا الحديث صحيح، وحديث النبيذ ضعيف باتّفاق المحدثين، ومداره على زيد، مولى عمرو بن حُريث، وهو مجهول. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أشار بالحديث المذكور إلى ما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، وابن ماجه، عن أبي زيد، مولى عمرو بن حُريث، عن ابن مسعود، قال: كنت مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةَ لَقِي الجنَّ، فقال: "أمعك ماء؟ " فقلت: لا، فقال: "ما هذا في الإداوة؟ "، قلت: نبيذٌ، قال: "أرنيها، تمرةٌ طيبةٌ، وماء طهورٌ"، فتوضأ منها، ثم صلّى بنا (٢).


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٩ - ١٧٠.
(٢) ساقه الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "مسنده" (٤١٥٠) فقال: حدّثنا يعقوب، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني أبو عُميس عتبة بن عبد اللَّه بن عتبة بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبي فزارة، عن أبي زيد، مولى عمرو بن حُريث المخزوميّ، عن عبد اللَّه بن مسعود، قال: بينما نحن مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة، وهو في نفر من أصحابه، إذ قال: "ليقم معي رجل منكم، ولا يقومنّ معي رجل في قلبه من الغش مثقال ذرة"، قال: فقمت معه، وأخذت إداوة، ولا أحسبها إلا ماءً، فخرجت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى إذا كنا بأعلى مكة، رأيت أَسْوِدَةً مجتمعةً، قال: فخطَّ لي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خطًّا، ثم قال: "قم ها هنا حتى آتيك"، قال: فقمت، ومضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرأيتهم يتثورون إليه، قال: فسَمَرَ معهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلًا طويلًا، حتى جاءني مع الفجر، فقال لي: "ما زلت قائمًا يا ابن مسعود؟ "، قال: فقلت: يا رسول اللَّه أَوَلم تقل لي: "قم حتى آتيك؟ "، قال: ثم قال لي: "هل معك من وَضُوء؟ "، قال: فقلت: نعم، ففتحت الإداوة، فإذا هو نبيذ، قال: فقلت له: يا رسول اللَّه، واللَّه لقد أخذت الإداوة، ولا أحسبها إلا ماءً، فإذا هو نبيذٌ، قال: فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تمرةٌ طيبةٌ، وماءٌ طهورٌ"، قال: ثم توضأ منها، فلما =