٧ - (ومنها): أنه استَدَلّ به بعض الشافعية على جواز تطويل الإمام في الركوع لأجل الداخل؛ قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولا حجة فيه؛ لأن الحكمة لا يُعَلَّل بها؛ لخفائها، أو لعدم انضباطها، ولأنه لم يكن يدخل في الصلاة يريد تقصير تلك الركعة، ثم يطيلها لأجل الآتي، وإنما كان يدخل فيها ليأتي بالصلاة على سنتها من تطويل الأولى، فافترق الأصل والفرع فامتنع الإلحاق. انتهى. وقد ذكر البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "جزء القراءة" كلامًا معناه: أنه لم يَرِدْ عن أحد من السلف في انتظار الداخل في الركوع شيء.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: انتظار الداخل في الركوع ليس عليه دليلٌ، وغاية ما في هذا الحديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يطوّل القيام بالقراءة، ليدركه الناس، ففي رواية أبي داود من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، قال:"فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى"، ولابن خزيمة نحوه، وروى ابن حبّان من طريق سفيان، عن معمر، ولفظه:"كنا نرى ذلك أنه يفعل ليتدارك الناس"، وبوّب عليه ابن حبّان:"باب ذكر السبب الذي من أجله كان يطوّل المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- في الركعة الأولى". انتهى.
وأخرج أحمد، وأبو داود بسند فيه ضعف، عن عبد اللَّه بن أبي أوفى، أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر، حتى لا يسمع وَقْعَ قَدَم. انتهى (١).
والحاصل أن انتظار الداخل بتطويل القراءة مستحبّ، وأما بالركوع، فلا دليل عليه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في ما قاله أهل العلم في توجيه اختلاف صلاة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تطويلًا وتخفيفًا:
قالوا: كانت صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تختلف في الإطالة والتخفيف باختلاف الأحوال، فإذا كان المأمومون يؤثرون التطويل، ولا شغل هناك له، ولا لهم طَوَّل، وإذا لم يكن كذلك خَفَّف، وقد يريد الإطالة، ثم يَعْرِض ما يقتضي