للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(نَحْزُرُ) أي نقدّر، يقال: حَزَرت الشيءَ حَزْرًا، من بابي ضرب، ونصر: قدّرته، ومنه حَزَرْتُ النخلَ: إذا خَرَصته، قاله الفيّوميّ (١). (قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) بنصب "قيامَ" على المفعوليّة لـ "نحزر" (فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) متعلّق بـ "قيام"، أي في كلّ من صلاة الظهر، وصلاة العصر (فَحَزَرْنَا) أي قدّرنا (قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأوُلَيَيْنِ) بضم الهمزة تثنية الأولى، كما تقدّم قريبًا، أي في كلّ من الركعتين الأوليين، وليس المراد أنه يقرأ في كليهما مقدار ذلك، ويوضّح هذا المعنى الرواية التالية بلفظ: "كان يقرأ في صلاة الظهر، في الركعتين الأوليين، في كلّ ركعة قدر ثلاثين آية" (مِنَ) صلاة (الظُّهْرِ قَدْرَ قِرَاءَةِ) بنصب "قدر" على الظرفيّة، أي مقدار ما يقرأ القارئ ثلاثين آيةً، وقوله: "قراءة" مضاف إلى ({الم (١)}) لقصد لفظه، وقوله: ({تَنْزِيلُ}) بالرفع على الحكاية، ويجوز جره على البدل، ونصبه بتقدير "أعني"، وقوله: (السَّجْدَةِ) قال النوويّ: يجوز جرّها على البدل، ونصبها بـ "أعني"، ورفعها خبرأ لمبتدأ محذوف، قال القاري: ولا يخفى أن هذه الوجوه الثلاثة كلّها مبنيّة على رفع {تَنْزِيلُ} حكايةً، وأما على إعرابه، فيتعيّن جرّ "السجدة" على الإضافة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: إضافةُ {تَنْزِيلُ} إلى "السجدة" من إضافة العام للخاصّ، كشجر أراك (وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ) بضم الهمزة أيضًا تثنية الأُخرى (قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ) أي قدر خمس عشرة آيةً.

وهذا دليلٌ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في الركعتين الأخريين من الظهر غير الفاتحة، ويوضّح ذلك قوله: (وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِن) صلاة (الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ) ووقع في شرح النوويّ: "على قدر قيامه من الأخريين"، قال النووي: كذا هو في معظم الأصول "من الأخريين"، وفي بعضها: "في الأخريين"، وهو معنى رواية "من". انتهى (٣). (مِن) صلاة


= والمسعوديّ عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عتبة بن عبد اللَّه بن مسعود، اختلط بآخره، والراوي عنه أبو داود الطيالسيّ روى عنه بعد اختلاطه.
(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٣٣.
(٢) راجع: "المرعاة" ٣/ ١٣٤.
(٣) "شرح النوويّ" ٤/ ١٧٥.