(الظُّهْرِ) إذ من المعلوم أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في الأوليين من العصر غير الفاتحة، وبهذا يتبيّن أن ما ذهب إليه الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- من جواز قراءة غير الفاتحة معها في الأخريين مذهب قويّ، لا كما ادّعاه القرطبيّ في كلامه الماضي، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ) أي وحزرنا قيامه في الركعتين الأخريين (مِن) صلاة (الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ) أي من قيامه في الأوليين، فيكون بقدر سبع آيات، أو نحوها؛ لأنه يأتي في الرواية التالية:"أنه كان يقرأ في العصر في الركعتين الأوليين في كلّ ركعة قدر خمس عشرة آيةً" فيكون نصف ذلك المقدار المذكور.
وفيه دليلٌ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان لا يزيد في الأخريين من العصر على الفاتحة بخلاف الظهر، كما أسلفناه آنفًا، واللَّه تعالى أعلم.
وقوله:(وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو بَكْرٍ) أي ابن أبي شيبة شيخه الثاني (فِي رِوَايَتِهِ {الم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)} [السجدة: ١، ٢]، وَقَالَ) بدل ذلك (قَدْرَ ثَلَاثِينَ آيَةً). ونصّ روايته في "المصنّف"(١/ ٣١٢):
(٣٥٦٨) حدّثنا أبو بكر، قال: نا هشيم، عن منصور، عن أبي بِشْر الْهُجَيميّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال:"كنا نَحْزِرُ قيام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الظهر والعصر، قال: فحزرنا قيامه في الظهر، في الركعتين الأوليين بقدر ثلاثين آيةً، وحزرنا قيامه في الظهر، في الركعتين الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين، من العصر على قدر الأُخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين، من العصر على النصف من ذلك". انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.