كراهة فيه أيضًا، ولكنه خلاف الأولى عند الجمهور، وعن مالك: في المشهور عنه كراهته (١).
٣ - (ومنها): جواز الاقتصار على بعض السورة، وتُعُقّب بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما فعل ذلك لأجل ضرورة السعلة.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الحقّ جواز قراءة بعض السورة، وليس اعتمادًا على هذا الحديث؛ لما ذُكر، بل لأن الكراهة حكم لا يثبت إلَّا بدليل، ولا يوجد لذلك دليل، بل الأدلة على الجواز، وهي كثيرة:
(منها): ما أخرجه الإمام أحمد باسناد صحيح، عن زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين، ولم يُذكر ضرورة، ففيه القراءة بالأول وبالأخير.
(ومنها): أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية [البقرة: ١٣٦]، وفي الثانية:{آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران: ٥٢]، رواه مسلم.
(ومنها): ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح، عن أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- أنه أَمّ الصحابة -رضي اللَّه عنهم- في صلاة الصبح بسورة البقرة، فقرأها في الركعتين، وهذا إجماع منهم.
(ومنها): ما رواه محمد بن عبد السلام الْخُشَنيّ -بضم الخاء المعجمة، بعدها معجمة مفتوحة خفيفة، ثم نون- من طريق الحسن البصريّ قال: غزونا خراسان، ومعنا ثلاثمائة من الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، فكان الرجل منهم يصلّي بنا، فيقرأ الآيات من السورة، ثم يركع، أخرجه ابن حزم محتجًّا به.
(ومنها): ما رواه الدارقطنيّ بإسناد قويّ، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كلّ ركعة.
فهذه الأحاديث الصحاح تدلّ على أن قراءة بعض السورة جائز بلا كراهة، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
٤ - (ومنها): أنه يؤخذ منه أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى