للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأتأخر" بزيادة القسم، وفيه جواز مثل ذلك؛ لأنه لَمْ يُنْكِر عليه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي رواية للبخاريّ من طريق الثوريّ، عن إسماعيل: "إنى لا أكاد أدرك الصلاة".

قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره مشكل؛ لأن التطويل يقتضى الإدراك لا عدمه، قال: فكأن الألف زيدت بعد "لا"، وكأن "أُدْرِك" كانت "أَتْرُك".

قال الحافظ: هو توجيه حسن لو ساعدته الرواية، وقال أبو الزناد بن سراج: معناه أنه كان به ضعف، فكان إذا طوَّل به الإمام في القيام، لا يبلغ الركوع إلَّا وقد ازداد ضعفه، فلا يكاد يتم معه الصلاة.

قال الحافظ أيضًا: وهو معنى حسن، لكن رواه البخاريّ، عن الفريابيّ، عن سفيان بهذا الإسناد بلفظ: "إني لأتأخر عن الصلاة فعلى هذا فمراده بقوله: "إني لا أكاد أدرك الصلاة"، أي لا أقرُب من الصلاة في الجماعة، بل أتأخر عنها أحيانًا؛ من أجل التطويل (١).

قال: ويَحْتَمل أيضًا أن يكون المراد أن الذي أَلِفَه من تطويله اقتضى له أن يتشاغل عن المجيء في أول الوقت؛ وثوقًا بتطويله، بخلاف ما إذا لَمْ يكن يطوِّل، فإنه كان يحتاج إلى المبادرة إليه أوّل الوقت، وكأنه يَعْتَمِد على تطويله، فيتشاغل ببعض شغله، ثم يتوجه، فيصادف أنه تارةً يدركه، وتارة لا يدركه، فلذلك قال: "لا أكاد أدرك مما يُطَوّل بنا"، أي بسبب تطويله. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: لا يخفى ما في هذا الاحتمال من البعد، فالأول هو الوجه، فتأملّ، واللَّه تعالى أعلم.

وإنما خص الصبح بالذكر؛ لأنَّها تطوَّل فيها القراءة غالبًا، ولأن الانصراف منها وقت التوجه لمن له حرفة إليها.

(مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ) هو كناية عن اسم سُمّي به المحدّث عنه، ويقال في غير الآدميّ: الفلان معرّفًا بالألف واللام، قاله الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٣).

والمراد بفلان هنا هو: أُبيّ بن كعب -رضي اللَّه عنه-، قال في "الفتح": ووَهِمَ مَن


(١) "الفتح" ١/ ٢٢٤ "كتاب العلم" رقم الحديث (٩٠).
(٢) "الفتح" ٢/ ٢٣٢ "كتاب الأذان" رقم (٧٠٢).
(٣) "شرح الكرمانيّ" ٢/ ٧٨.