للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فائدة]: المقصود بالنداء في نحو قوله: "يا أيها الناس"، هو "الناس"، وإنما جاءوا بـ"أيّ" ليمكن الوصول إلى نداء ما فيه "أل"؛ لأنهم كرهوا الجمع بين التخصيص بالنداء، وأداة التعريف، فكأن المنادى هو الصفة، و"ها" مُقْحَمة للتنبيه، أفاده في "العمدة" (١).

(إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ) بصيغة الجمع، والنصب على أنه اسم "إنّ" مؤخّرًا، وهو من التنفير، وهو التفريق، قال في "القاموس": النَّفْرُ: التفرّق، نَفَرت الدابّة تَنْفِرُ وتَنْفُرُ -أي من بابي ضرب، وقعد- نَفْرًا، ونُفُورًا، ونِفَارًا، فهي نافرةٌ، ونَفُورٌ: جَزِعَتْ، وتباعدت، قال: ونَفَرَ الظبيُ: شَرَدَ، ونفّرتُهُ، واستنفرته، وأنفرته. انتهى ملخّصًا (٢).

والمعنى: أن منكم من يفرّق الناس، ويُبعدهم عن الجماعة بسبب تطويله.

وقال في "الفتح": قوله: "إن منكم منفرين" فيه تفسير للمراد بالفتنة في قوله في حديث معاذ -رضي اللَّه عنه-: "أفتّان أنت"، ويحتمل أن تكون قصة أُبَيّ هذه بعد قصة معاذ، فلهذا أتى بصيغة الجمع، وفي قصة معاذ واجهه وحده بالخطاب، وكذا ذَكَر في هذا الغضب، ولم يذكره في قصة معاذ، وبهذا يتوجه الاحتمال الأول؛ لابن دقيق العيد، يعني ما ذكر في سبب شدّة غضبه. انتهى (٣).

وإنما خاطب الكلّ، ولم يُعيّن المطوِّل فقط؛ كرَمًا منه، ولطفًا عليه، وكانت هذه عادته -صلى اللَّه عليه وسلم- غالبًا حينما كان يوجّه العتاب والتأديب لمن يستحقّه حتى لا يحصل له الخجل ونحوه على رؤوس الأشهاد، أفاده الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٤).

(فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ) وفي رواية البخاريّ: "فأيُّكم ما صلّى بالناس" أي أيُّ واحد منكم، و"ما" زائدة، وزيادتها بعد "أيٍّ" الشرطيّة كثيرةٌ، وفائدتها التوكيد، وزيادة التعميم، قاله الكرمانيّ (٥).

(فَلْيُوجِزْ) من الإيجاز، وهو الاختصار، ولفظ البخاري: "فليتجوّز"، أي فليُخفّف، وأصل اللام الكسر، ويجوز فيها السكون؛ تخفيفًا.


(١) راجع: "عمدة القاري" ٢/ ١٦٠.
(٢) راجع: "القاموس المحيط" ٢/ ١٤٦.
(٣) "الفتح" ٢/ ٢٣٣.
(٤) "شرح الكرماني" ٢/ ٧٨ - ٧٩.
(٥) "شرح الكرماني" ٥/ ٨٢.