(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ:"إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ) وفي رواية همّام بن منبّه التالية: "إذا ما قام أحدكم للناس"، وفي رواية أبي سلمة الثالثة: "إذا صلّى أحدكم للناس"، واللام بمعنى الباء.
[تنبيه]: هل المراد بصلاته للناس أن يكون إمامًا منصوبًا للإمامة من جهة الإمام الأعظم، أو من جهة ناظر المسجد الذي يصلّي به، بحيث لا يتمكن غيره من الإمامة في ذلك المحلّ، أو أعم من ذلك، ومن كون أهل المحلة نصبوه للإمامة بهم، بحيث لو شاءوا لَغَيَّروه، وأقاموا غيره في ذلك، أو أعمّ من ذلك، ومِن أن يتقدم للإمامة بغير تقديم أحد، أو كونه صار إمامًا، ولو لم يقصد التقدُّم لذلك من الأول، بل تقدَّم ليصلّي منفردًا فتابعه غيره، فنوى الإمامة به، أو لو لم ينو الإمامة به، بل نوى المأموم الائتمام فقط؛ لأنه يصير بذلك عند الشافعي وجماعة إمامًا، ولو لم ينو هو الإمامة، غايته أنه لا يحصل له فضيلة الجماعة إذا لم ينو الإمامة؟.
هذه احتمالات خمسة، قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأرجحها عندي الرابع، فمتى صار إمامًا بنيته للإمامة على أيّ وجه تقدَّم يستحب له التخفيف، وأما إذا لم ينو هو الإمامة، فالظاهر أنه لا يستحب له التخفيف باقتداء غيره به. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: وعندي الأرجح إجراؤه على عمومه؛ فيعُمّ جميع الأقسام الخمسة، فعلى الجميع التخفيف؛ لعموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أمّ أحدكم الناس"، فالمعتبر كونه إمامًا، سواء نوى ذلك، أم لم ينو، فقصره على الذي نوى الإمامة تخصيص بلا دليل، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: قوله: "إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمُ النَّاسَ"، قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لم يذكر الصلاة، فتناول الفرائض والنوافل التي يُشْرَع لها الجماعة، كالعيد، والتراويح، ونحوهما؛ لأن حذف المعمول يدل على العموم، بدليل صحة الاستثناء، فإنه معيار العموم، نعم يُسْتَثنى من ذلك صلاة الكسوف؛ لمشروعية تطويل القراءة فيها، فلا يُسَنّ النقص عن المشروع في ذلك، وكأنه لم يستثنها؛ لندورها،