للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والاهتمام بشأنها؛ للأمر العارض. انتهى (١)، وهو بحث نفيسٌ.

(فَلْيُخَفِّفْ) أي القراءة والأذكار، بحيث لا يُخلّ بأركانها، وسننها، وآدابها؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد نهى عن نقرة الغراب، وقال للمسيء صلاته: "صلّ، فإنك لم تصلّ"، متّفقٌ عليه، وقال: "لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود" (٢)، وقال: "لا ينظر اللَّه عزَّ وجلَّ إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده" (٣).

فالذي يُخلّ بشيء مما ذُكِر لم يُصلّها، فينبغي لمن يريد التخفيف مراعاة ما ذُكر حتى لا يقع في شيء من المحظور، وما أكثر من يقع في ذلك من الجهلة، وذوي الغفلة الذين ناصيتهم بيد الشيطان، فهو الذي يتصرّف في رفعها ووضعها، فلا حول ولا قوّة إلا باللَّه العزيز الحكيم.

(فَإِنَّ فِيهِمُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ) المراد به ضعف الْخِلْقة (وَالْمَرِيضَ) وفي رواية أبي سلمة الآتية: "فإن في الناس الضعيف، والسقيم"، والسقيم بمعنى المريض، وعطف المريض على الضعيف، من عطف العامّ على الخاصّ.

قال في "المصباح": الضَّعْف بفتح الضاد في لغة بني تميم، وبضمّها في لغة قريش: خلاف القوّة والصّحّة، فالمضموم مصدر ضَعُف، مثالُ قَرُبَ قُرْبًا، والمفتوح مصدر ضَعَفَ ضَعْفًا، من باب قَتَلَ، ومنهم من يجعل المفتوح في الرأي، والمضموم في الجسد، وهو ضعيفٌ، والجمع ضُعَفَاءُ، وضِعَافٌ أيضًا، وجاء ضَعَفَةٌ، وضَعْفَى. انتهى.

وقال في مادّة مَرِضَ: مَرِضَ الحيوان مَرَضًا، من باب تَعِبَ، والمرَضُ: حالةٌ خارجةٌ عن الطبع ضَارّةٌ بالفعل، ويُعْلَم من هذا أن الآلام، والأَوْرَامَ أعراضٌ عن المرض، وقال ابن فارس: الْمَرَضُ: كلُّ ما خرج به الإنسان عن حدّ الصّحّة، من علّة، أو نفاق، أو تقصير في أمرٍ (٤).


(١) "طرح التثريب" ٢/ ٣٥٠.
(٢) حديث صحيح، أخرجه ابن ماجه في "سننه" برقم (٨٧١).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٠٣٨٠) بسند صحيح.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٢ و ٥٦٨.