للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقت ليس له تأخير ابتداء الصلاة إليه أصلًا، وقد صَحّ عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن التفريط أن تُؤَخَّر صلاة حتى يدخل وقت أخرى، فصحّ أن له إذا في خل في الصلاة في وقتها أن يطوِّل ما شاء إلا تطويلًا مَنَعَ النصّ منه، وليس له أن يطيل حتى تفوته الصلاة التالية لها فقط. انتهى كلامه.

وتعقّبه العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، فقال: وهو ضعيف، والذي ينبغي أن يقال في حدّ التطويل المباح أنه ما لم يخرج وقت الصلاة التي هو فيها، ولو جوّزنا له أن يُخْرِج جزءًا منها عن وقتها لم يكن لتوقيتها فائدةٌ، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوقت ما بين هذين".

وأما استدلاله على ذلك بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلّى الظهر في الوقت الذي صلّى فيه العصر بالأمس، فقد تقرَّر تأويله عند أكثر العلماء على معنى أنه فرغ من صلاة الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي ابتدأ فيه صلاة العصر في اليوم الأول، فقوله: "صلّى الظهر" أي ابتدأها، وقوله: "صلّى العصر" أي فرغ منها.

وفعلها يصلح للابتداء والشروع، فحُملت في كل موضع على اللائق بها، ولا اشتراك بين الصلاتين في وقت.

وعلى تقدير أن لا نؤَوِّله، وَيجْعَل بين الصلاتين اشتراكٌ في الوقت، كما يقوله المالكية، فالاشتراك إنما هو في مقدار أربع ركعات خاصةً، وهكذا يقول المالكية، وهل ذلك من وقت العصر أو الظهر؟ خلاف عندهم، وأما القول بالاشتراك في جميع الوقت، فلا قائل به، ولا دليل يَعْضِده، ولا يصح القياس في ذلك عند من يقول القياس، فكيف بمن ينكره.

والعجب من استدلاله على مطلوبه بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما التفريط أن تُؤَخَّر صلاة حتى يدخل وقت الأخرى".

قال: وهذا عليه لا له، فإنه دالّ على أن غاية التأخير المباح دخول وقت الأخرى، لا فراغه، ولا تضييقه، وما ذكره ابن حزم مبنيّ على أن هذه الأوقات للشروع في الصلاة، لا للفراغ منها، وهو مردود، بل هذه المواقيت لجملة الصلاة، أولها، ووسطها، وآخرها.

قال: وقد ذكر أصحابنا الشافعية أنه يَحْرُم تأخير الصلاة إلى حدٍّ يَخرُج بعضها عن الوقت، وهو موافقٌ لما ذكرته، لكنهم قالوا: إنه لو شَرَع في